TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قضية منع الحجاج الأتراك.. سياسية أم قانونية؟

قضية منع الحجاج الأتراك.. سياسية أم قانونية؟

نشر في: 19 أكتوبر, 2012: 06:24 م

في آخر عمل للحكومة لإثبات سيادتها الكاملة على كامل الأراضي العراقية ونكاية بمن يعتقد بهشاشة هذه الحكومة، ورسالة لكل من يعتقد أنها غير قادرة على ضبط الأمن وتوفير الأمان.. قامت الحكومة بعمل عبقري استباقي، فاصطادت 1200 مواطن تركي  كانوا في طريقهم لحج   بيت الله الحرام  بحجة أنهم حصلوا على تأشيرات سفرهم من كردستان.
لاخلاف لدينا مع الحكومة في تطبيق القوانين واحترامها، كما لم يكن لدينا خلاف معها في محاربة أوكار الفساد والمفسدين ولم نختلف معها في محاربة كل أنواع حمل السلاح خارج إطاره الحكومي لأن الحكومة هي المعنية بحمل السلاح وترخيصه وإعطاء الأوامر باستخدامه.
الخلاف مع الحكومة هو أنها انتقائية في كل ما يتفق معها، فهي انتقائية في محاربة الفساد فـ" حبايبها " خارج التغطية،ومعظمهم إن لم يكن كلّهم من دولة القانون،وأغلبية هذه الجموع  المباركة من حزب الدعوة.. وهي انتقائية في محاربة الميليشيات لأنها تحارب هنا وتمنح الأسلحة والمسدسات لرؤساء العشائر لإسنادها وقت الضيق.. وهي انتقائية في اجتثاث البعث، فقيادات منه في جيب الحكومة وقواعد مسكينة لاحقتها مقصلة الاجتثاث.. انتقائية في كل شيء وهذا ما أفشلها وسيفشلها حتى أيامها الأخيرة وهي قليلة والحمد لله!
تصوروا أن الأتراك أتوا من عبر حدودهم مرورا بكردستان وتجاوزا كل السيطرات التي دققت وفتشت حتى وصول الحافلات التركية إلى المنفذ الحدودي السعودي في عرعر، هناك تفتقت الأفكار والروح الوطنية في تطبيق القوانين، فقررت الحكومة إعادتهم إلى المربع الأول كما هو هوايتها في إعادتنا دائما إلى المربع الأول، قررت الحكومة إعادتهم بل هي اكتفت، حسب بيانها، اكتفت بهذا الإجراء في تعاملها مع هؤلاء المسافرين، لكونهم ينوون أداء فريضة الحج، والمفروض أن تنصب لهم المشانق أو في أحسن الأحوال واحتراما للجيرة  تلقيهم في معتقلاتها الكثيرة بانتظار التحقق فيما إذا كان أسامة بن لادن قد أرسلهم من جهنم لتعكير صفو العراقيين واستمتاعهم بالأمن والأمان!!
من هو المسؤول عن وصولهم إلى منفذ عرعر بطريقة تقول عنها الحكومة بأنها غير قانونية؟
ولماذا يدفع أناس بسطاء كبار في السن تحمّلوا عناء الطريق ليؤدوا إحدى فرائض الإسلام في خريف عمرهم، ثمناً  لأخطاء لم يرتكبوها؟ ألم يكن من الأجدى اعتماد المعيار الإنساني والأخلاقي والديني وإمرارهم ومن ثم التعامل مع الموضوع مع ثلاث جهات هي المسؤولة:
أولاً الشركة  الناقلة،وثانيا الجهة الرسمية التي منحتهم سمات المرور في  كردستان،وفيلق السيطرات التي مرّت بها قافلة الأتراك ثالثاً.
ماذا سيحصل لو أن الحكمة تغلبت وعولج الأمر من دون آثار جانبية ستظهر لاحقا في العلاقات العراقية التركية، بدل التفسيرات المتنوعة من أن القرار سياسي وله علاقة بالمشاكل القائمة بين البلدين، وانه ردة فعل صبيانية  على ما تقوله الحكومة عن انتهاكات تركية لسيادتها الكاملة!
لن أدخل في تفسيرات أخرى ومواقف مشابهة لأنواع الزيارات الدينية لم تسأل فيها الحكومة لاعن "فيزا" ولا أخواتها لكني سأسأل سؤالا أتمنى على المرجعيات في المذاهب الخمسة الإسلامية  أن تجيبني عليه:
ما هو حكم الشرع في من يمنع  مسلماً من الحج  قبل وصوله إلى بيت الله بساعات؟
ولكي لا يقال لنا إن السؤال هلامي لا أرجل له ولا أذرع نقول إن الحالة هي المعروضة أمامهم في العمود  ونزيد "عدد الحجاج: 1200. مكان التوقف: منفذ عرعر. جهة التوجه: مكة المكرمة "  هل هناك وضوح أكثر؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جائزة الجوائز

العمود الثامن: لماذا خسرت القوى المدنية ؟

عندما يجفُّ دجلة!

الأقليات وإعادة بناء الشرعية السياسية في العراق: من المحاصصة إلى العدالة التعددية

العمود الثامن: مع الاعتذار لعشاق الانتخابات !!

العمود الثامن: مع الاعتذار لعشاق الانتخابات !!

 علي حسين أثار المقال الذي نشرته أمس في هذا المكان بعنوان " لمذا خسرت القوى المدنية " انزعاج البعض ، وشتائم البعض الآخر وسخرية مَّن يعتقد أننا نعيش أزهى عصور الديمقراطية ، وأن...
علي حسين

باليت المدى: الأخوات العشر

 ستار كاووش ثلاث ساعات بالقطار كانت كافية للوصول من شمال هولندا الى مدينة كولن الألمانية. هي ثلاث ساعات فقط، لكنها كانت كفيلة أيضاً بنقلي من عالم الى آخر. ترجلتُ عند محطة كولن وسحبتُ...
ستار كاووش

حوار نووي ساخن: هل تهدد موسكو وواشنطن بعضهما الآخر بالأسلحة الفتاكة؟

د. فالح الحمـــــراني منذ أن أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 تشرين الأول بيانًا يأمر فيه البنتاغون ببدء تجارب الأسلحة النووية "على قدم المساواة". وموضوعة الأسلحة النووية باتت الشغل الشاغل ليس لوسائل الإعلام...
د. فالح الحمراني

الفوز اللافت لزهران ممداني: "مقاربة عراقية"

د. أحمد عبد الرزاق شكارة الفوز اللافت لزهران ممداني في انتخابات عمدة نيويورك يجعلنا نفكر في الدلالات والتداعيات لمثل هذا الزلزال ليس فقط على الصعيد الأمريكي وإنما في العراق ذاته في مقاربة (مع الفارق...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram