غالب حسن الشابندر
كلام طويل ولذيذ رغم كونه شاقاً ، وفيما تتفاوت الآراء والتصورات حول تراتيبية القيم الأخلاقية ، يرى بعضهم أن العدل هو قيمة القيم ، وكل القيم الأخرى تستمد أصولها وهويتها ووزنها من العدل ، فكأنما العدل منشأ القيم وينبوعها الثر ، فالتسامح والتعاون والإباء والشجاعة والكرم والعطاء وما على وزن ذلك من قيم سامية خلاّقة تنبع من العدل ، والحقيقة ، كثيرا ما أسال نفسي ، كيف يكون العدل هو قيمة القيم ،علماً أن الحق ربما يكون (عيناً ) ، وليس (اعتباراً ) فقط ، فيما العدل ربيب عالم الاعتبار صرفا ؟
وفي الفكر الأمريكي معركة دائرة حول أولوية إحدى القيمتين ، الحق أم العدل ، انتصر العدل في معركة السجال هذه ...
القرآن الكريم يؤسس للعدل بشكل مذهل، والمأثور النبوي يقول ما معناه ، إن العدل أساس الملك ، وابن تيمية على تعصبه وشذوذه الفكري يرى أن دولة الكفر أبقى من دول الإسلام فيما قامت الأولى على العدل وتنكرت الثانية للعدل !
هل رأيتم إخوتي ؟ بأي عدل يتولى همام حمودي رئاسة لجنة صياغة الدستور، وهو لا قانوني، ولا دستوري،ولا شيخ ، ولا عالم ، ولا مفكر ، ولا كاتب ، وإلا أين هي المصاديق ، والله وحده يعلم من أين جاءت ( الدكترة ) ، حيث هناك من يقول إنه أخذها من أمريكا ،وآخر يقول إنه أخذها من الكويت ، وتبقى سرا ما دام ليس هناك امتحان وإشهار علني ، ولكن يبدو من عدله أنه يتصل بالسفيرالعراقي في الشام ليستفسر عن مصير العراقيين هناك حيث حادثه لمدة ثلاث ساعات ! ..
طيب ، أدعو السيد همام أن يذهب بنفسه إلى الشام ليشرف على ترحيل العراقيين هناك ، فما أسهل الاتصالات بالسفراء ، وأسهل منه الكلام لساعات عبر الهاتف ! العدل ! قبل سنوات بعد التغيير الذي حصل في العراق ، وفي ظل حكومة إياد علاوي الذي خسر كل شيء بسبب نرجسيته وأنانيته وتنكّره لأقرب الناس إليه ، اتصل بي أحد الإخوة تلفونياً ، وكان من المشتغلين معه في البداية، ومن المحسوبين على التيار الإسلامي الديمقراطي ، وكان له طلب أدهشني ، قال لي ما معناه : ( أبو عمار نريدك لمنصب لا يليق إلا بك ، وأنت أهل له ) ، قلتُ : ( أبو فلان أنت تعرفني أني أكره الوظيفة ولا أطيقها ، فلا تفكر بذلك أبدا )، قال : ( لا ، نريد أن نرشحك لرئاسة مؤسسة بيت الحكمة ) ! صُعقت حقا ، وقلت له : ( أخي العزيز على عيني وعلى راسي ، ولكن أنا لا أستحق مثل هذا الشرف العظيم ، بأي وجه ، وبأي عين ، أستقبل أو أشوف حسام الآلوسي ، أو حسين علي محفوظ ، أو علي أمين ، أو هذا وذاك من أفذاذ العراق ؟ )، قال : ( ولكن انت مو قاصر أبو عمار ) ، قلتُ : ( أنا واثق من نفسي وفكري وعقلي ، ولكن هناك اعتبارات أخلاقية أبو فلان ، وأنا من عائلة تحترم هذه الاعتبارات ) ، حاول وحاول وحاول ولكني رفضت .
بيت الحكمة مؤسسة عملاقة بروادها وأصحابها ، صحيح إنها تأسست بفكر وتدبير سعدون حمادي ، ولكن الرجل عالم ، ثم هي تضم أفذاذاً من علماء ا لفيزياء والتاريخ والفلسفة .... ما الذي حصل ؟
جاء ( الإسلاميون ) فرسان صلاة الليل إلى الحكم ، فمن الذي تولى رئاسة هذه المؤسسة العملاقة ؟ شمران العجلي ! الدكتور شمران العجلي ، وأعتقد أنه دكتور في علوم القرآن أو اللغة العربية ، وكل العراقيين في لندن من ذوي الاهتمام بالفكر واللغة يعرفون مستوى الأخ شمران العجلي ، ما أبدعه هو كتيب عن السجود على التربة الحسينية ، وكتيب عن الأذكار وما شابه ، فإذن يستحق أن يكون رئيس بيت الحكمة ، هذه المؤسسة التي أُسست بهدف تحديث المجتمع العراقي بمؤسساته وأفكاره وتوجهاته ! شمران العجلي صديق ، وأعرفه منذ زمان بعيد ،وفي تصوري أن مستواه الفكري لا يتعدى مستوى قارئ منبر حسيني جيد ، وإلاّ هل تعلمون أن الأخ شمران العجلي كان يقول عن تشارلس دارون ( مطيرجي ) ؟! فهو ـ أي دارون كما يقول رئيس بيت الحكمة ـ شرّح حمامة أو حمامتين ومن ثم قال إن أصل الإنسان قرد ، هكذا كان يقول الأخ شمران العجلي ، الأمر الذي استفز أحد الإخوة من ذوي الحجي ، فاضطر على حسابه الخاص أن يصحب رواد المحاضرة إلى متحف تشارلس دارون في لندن ، ليريهم كم كان هذا الإنسان دؤوبا ، مثابرا ، كانت هناك مئات الأجساد المحنطة من مختلف أصناف الحيوانات ، كان قد عمل عليها وبها ، وبالتالي ، وحسب منطق رئيس بيت الحكمة ، لم يكن سوى ( مطيرجي )! هل هذا عدل ؟ لم يكتف السيد شمران العجلي بهذا ، بل خصص قاعة له باسمه ، مكتوب على واجهتها ( قاعة الأستاذ الدكتور شمران العجلي ) ،وعندها تذكرت الفيلسوف التربوي المصري علي عمار الذي أفنى نفسه في البحث والتنقيب ولم يحصل على لقب الأستاذ قبل الدكتور إلاّ بعد عشرات الإنجازات الفكرية العربية والعالمية !
لم يكتف السيد شمران بهذا وذاك ،بل وعلى سنة أصحابه من ( المتدينين )عيّن ابنه مسؤول القسم الفني في ذات بيت الحكمة ، ثم يوفده إلى محافظة ليفتتح معرض الفن التشكيلي وهو لا يمت بصلة إلى الفن من قريب أو بعيد ... هل ينبغي السكوت تجاه هذه الخروقات بحق الفكر والعلم والفن ؟
ولماذا نسكت عن هذه القضية فيما يجب علينا أن نشن الهجوم تلو الهجوم بأقسى لغة على غيرنا ممن لا ينتمي إلى بلاء الإسلام السياسي ؟
وهل من العدل أن يتمرس أبناء وأقارب المسؤولين في السلك الدبلوماسي ومنهم من لم يُجد حتى العربية ؟
هل لهذا وذاك أصبح العراق واحداً صورياً منقسماً واقعيا ؟
نعم .... بالعدل تقوم الأمم والدول ، وفيما يغيب العدل تتهدم الدول والأمم ، والعراق اليوم يمر بعملية خراب كلي ، لأن ( الإسلام السياسي ) نقض العدل ... وترتسم أمامي ثنائية رهيبة ، فاضل الجمالي / خضير الخزاعي ، سعيد قزاز / طارق الهاشمي ، السنهوري / همام حمودي ، صالح جبر / النجيفي.
هل رأيتم العدل في ظل حكومة المالكي؟
[post-views]
نشر في: 14 أكتوبر, 2012: 05:10 م
جميع التعليقات 1
yousifgeorge
ا لاخالكريم والاستاذ الفاضل الشابندر هناك مثل عراقى اكيد انت تعرفه لانك عراقى اصيل ومن عائلة عربية كريمة الاصل (اللى مايرضه بجزه ناخذ منه الخروف )انتوا اخوتنه الاسلاميين ما رضيتوا على الجزه اللى كان صدام حسين ياخذها منكم فرحتوا جبتولنا كرى الامريكان و