الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 15
الرئيسية > أعمدة واراء > قلم الرب

قلم الرب

نشر في: 28 يونيو, 2013: 10:01 م

كان في زمن النبي موسى، حطّاب شديد الفقير والتْعَب بسبب مهنته القاسية، وسمع يوماً بأن النبي موسى سيذهب لمناجاة ربه، فقرر أن يطلب منه الوساطة عند الله بتغيير مهنته وحاله. ووافق النبي، ولكنه عندما عاد من ميقات ربّه اخبر صاحبنا بأن الرب يقرئه السلام ويقول له: بأن قَلَم القُدْرَة سبق وأن حدَّد المصائر، ولا سبيل لتغيير ما كتبه هذا القلم. الحطاب ورغم شعوره بالإحباط والحزن، إلا أنه امتثل لإرادة الرب وجمع في اليوم التالي ضعف كمية الحطب، سعياً وراء تحسين أحواله المعيشية. لكنه وكلما حاول حمل "كورة" الحطب، التي باتت ثقيلة، فشل وسقط على قفاه. إلى أن شعر بالحزن والغيض فرفع رأسه إلى السماء وقال: يا رب، إما أن يكون القلم هو ربك، فاصدِّق بأنك لا تستطيع تغيير ما كتبه عليَّ، أو أن تكون أنت رب القلم، فامْسِكه إذاً من جديد، واكتب لي به غير هذا المصير النحس!!
وما كاد الحطّاب أن يتم كلامه، حتى وقف على رأسه كبير تجار البلد، وعرض عليه أن يشتري منه كارة الحطب بأضعاف ثمنها، شرط ان يوصلها معه إلى البيت، ويعمل بخدمة ضيوفه بقية يومه. وعندما وصلا، كانت المفاجأة كبيرة، حيث تبين أن الضيوف هما الملك وكبير وزرائه. وصادف أن اعْجَبَ الملك نشاط صاحبنا وهو يخدمه، فسأل التاجر عنه، فاخبره بأنه أحد أقربائه، خجلاً من أن يكتشف الملك بأنه أدخل عليه رجل غريب. وهنا همس الملك لوزيره قائلاً: لقد أحببت هذا الشاب من أول لحظة رأيته فيها، وأريد أن أقدم له خدمة، فبماذا تنصح، فقال الوزير: سمعت أن لصاحبنا التاجر قريباً، يريد الزواج من ابنته لكن التاجر يرفض، واحسب أن الشاب هو ذلك القريب. وهنا اعتدل الملك بجلسته واقسم للوزير بانه لن يتذوق الطعام قبل أن يتمم الزواج، متبرعاً للشاب ببيت يليق بالزوجة، فقال الوزير: وأنا أتبرع بصداق يليق بشاب حاز إعجابك بهذه السرعة. وعندما جاء التاجر بالطعام فوجئ بأن القَدَر قد احكم عليه فخاً لا يمكن الخلاص منه، فلم يجد أمامه غير أن يوافق على الزواج، الذي كسر إرادة قلم القدرة.
في الحكايات الشعبية البسيطة، توجد غالباً حكّمة عميقة، في بعض الأحيان تُصرح الحكاية بحكّمتها، وفي أحيان تلمّح لها تلميحاً، لحسّاسيتها أو لخطورتها، كما هو حال حكايتنا هذه، التي تريد أن تقول: بأن العبد لا يحتاج لوسطاء بينه وبين ربه. فعلى الرغم من أن الوسيط هنا كان موسى، إلا أن وساطته لم تنفع الحطّاب كما نفعته لحظة قهر، أنسته رهبته من ربه فخاطبه بقوة وصدق وصراحة. كان هذا حال الحطّاب رغم أن وسيطه نبي، فكيف يمكن أن تنتهي معاناتنا ونحن لا نثق بربنا، وقد ابتلينا بمصير نحس، ووسطاء، بعضهم، أشد نحساً من البوم في ليلة ظلماء وسط مقبرة موحشة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تقارب طهران وواشنطن بوابة لحل أزمات العراق الاقتصادية

النساء يتحدن ضد تعديل الأحوال الشخصية والقضاء يتفاعل والمحكمة تحسم في أيار

عطلة رسمية للمسيحيين في 20 و21 نيسان

الأونروا: مخازننا فارغة والمجاعة تفتك بسكان غزة

كردستان تعطل الدوام غداً احتفالاً برأس السنة الإيزيدية

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

العمود الثامن: اربيل تقرأ

مرور نصف عقد على رحيل رفعة الجادرجي 10 نيسان 2020

العدالة الدولية تحت المطرقة (الجزء- 2)

العمود الثامن: المتشائل

 علي حسين أعترف أنّ الكتابة اليومية تتطلب من صاحبها جهداً كبيراً، فصاحب النافذة اليومية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر...
علي حسين

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

زهير الجزائري 2 بين القتال والهدنةً القصيرة تغيرت الحياة الاجتماعية. لقد قضى الناس أياماً طوالًا في الملاجئ. نساء ورجال حشروا في مكان ضيق. شبان لم يعرفوا السياسة و ما أرادوا أن يعرفوها انفصلوا عن...
زهير الجزائري

اشكالية السياسة والتعصب تحليل سيكولوجي

د. قاسم حسين صالح المفهوم الشائع عند العراقيين بمن فيهم الكثير من المثقفين ، ان المتدينين يكونون متعصبين والمثقفين متحررين وغير متعصبين ، فهل هذا صحيح ام فيه رأي آخر ؟ لنبدأ بتحديد المفهوم...
د.قاسم حسين صالح

باليت المدى: كرسي مكسور الساق

 ستار كاووش عندَ لقائي ببعض الناس أفاجئ ببعض التفاصيل الصغيرة التي تُشير الى نوع من الكسل واللامبالاة وعدم إيجاد الحلول حتى وأن كانت صغيرة. فرغم إنغماس أحدهم بتعديلِ صُوَرِهِ ببرامج الفوتو شوب كي...
ستار كاووش
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram