الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 15
الرئيسية > أعمدة واراء > معركة الخندق في كركوك

معركة الخندق في كركوك

نشر في: 3 يوليو, 2013: 10:01 م

قبل الجسر الواقع على مشارف مدينة طوزخورماتو كان زحام السيارات مزعجاً لدرجة كبيرة، وما كان يثير الإزعاج اكثر، هو الفوضى التي عمّت الطريق. فسيارات الحمولات الكبيرة "التريلات" تسير جنبا الى جنب مع السيارات الصغيرة الخاصّة بنقل الركاب، كما أن ولع العراقيين بمخالفة ضوابط المرور، ونزولهم عن الشارع بحثاً عن أي منفذ جانبي او فرعي للمرور، يخلق مزيداً من الإرباك ويعقّد مرونة السير أكثر.
وسط ذلك الجو الخانق والباعث على القلق والاستفزاز، لفت نظري هدوء السائق الذي كان يقلنا، الأمر الذي دفعني لمشاكسته قليلاً. قلت له: أنت هادئ لدرجة تجعلني اعتقد بانك مستمتع بهذا الازدحام؟! فرد علي: ابداً، لكنني تعودت عليه، لأنني اتعرض لمثله باستمرار وعند مداخل اكثر المدن العراقية. كما أنني بت قادراً على توقعه. فسألته مستغرباً: تتوقع الازدحام؟ قال: نعم، فبعد كل تفجير تتعرض له محافظة من محافظات العراق، علينا أن نستعد لأيام من عقوبة الانتظار على مداخل تلك المحافظات، فالجهات الأمنية لا تملك غير حل التضييق على الناس في السيطرات لمواجهة الإرهاب!
عند ذلك قلت له، إِمْعاناً باستفزازه: لا، هذا الكلام غير دقيق، فمثلاً، لدى الجهات المسؤولة عن حفظ الأمن في كركوك حلول أخرى، إذ هي بصدد حفر خندق سيحيط بمدينة كركوك ويحميها من الإرهاب. فلم يملك الرجل عند سماع كلامي هذا غير ان يرد عليَّ وهو يضحك: هذا الخندق يذكّرني بمعركة الخندق، فكلما اسمع عنه أتخيل أن جيشاً من الإرهابيين سيقف يوماً على جانب منه، وعلى الجانب الآخر، سيقف جيش من الشرطة والحرس الوطني، ثم سيصرخ احد الإرهابيين بمجاميع قوى الأمن وهو يهددهم بـ(البي كي سي) خاصته: أَخْرِجوا إلينا نظراءنا من أشراف كركوك ليقاتلونا في نزال حاسم. قال ذلك وهو يكمل ضحكته مشيحاً بوجهه عني بحركة توحي بالاستهزاء من الخطط الأمنية.
بعد قليل كنّا قد توسطنا الجسر، وعندها اتّضح أن الزحام بسبب عملية إكسائه، وأن الجهة التي تتولى إكساءه، تفعل ذلك بطريق فجّة، ولا تكترث بطوابير السيارات المحملة بالأطفال والنساء وأصحاب المصالح في هذا الحر التموزي. التفتُّ إلى صاحبي وقلت له مؤنباً: اتهمت الجهات الأمنية بازدحام تسببت به المؤسسات الخدمية؟! كان عليك أن تتأكد يا صديقي. فرد علي قائلاً: أتمنى عليك أن تسأل المسؤول الذي ستجري اللقاء معه، لماذا يفكّرون بحفر خندق حول كركوك، ولا يفكرون بتهيئة طريق جانبي تمر عليه السيارات ريثما يكملون إكساء الجسر، اسأله: هل يعقل أن يتم إكساء جسر بمنتصف النهار على احد أهم الطرق التي تعبر عليها أساطيل النقل التجاري دون ان تسبق ذلك تهيئة طريق مؤقت؟! فقلت له: سأفعل وسأسأله ايضاً عمن سيقع عليه الاختيار من أشراف المدينة لمنازلة أمراء الموت من الإرهابيين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تقارب طهران وواشنطن بوابة لحل أزمات العراق الاقتصادية

النساء يتحدن ضد تعديل الأحوال الشخصية والقضاء يتفاعل والمحكمة تحسم في أيار

عطلة رسمية للمسيحيين في 20 و21 نيسان

الأونروا: مخازننا فارغة والمجاعة تفتك بسكان غزة

كردستان تعطل الدوام غداً احتفالاً برأس السنة الإيزيدية

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

الحاكم بمنظور إمام سلطة الحق

العمود الثامن: اربيل تقرأ

مرور نصف عقد على رحيل رفعة الجادرجي 10 نيسان 2020

العدالة الدولية تحت المطرقة (الجزء- 2)

العمود الثامن: المتشائل

 علي حسين أعترف أنّ الكتابة اليومية تتطلب من صاحبها جهداً كبيراً، فصاحب النافذة اليومية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر...
علي حسين

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

زهير الجزائري 2 بين القتال والهدنةً القصيرة تغيرت الحياة الاجتماعية. لقد قضى الناس أياماً طوالًا في الملاجئ. نساء ورجال حشروا في مكان ضيق. شبان لم يعرفوا السياسة و ما أرادوا أن يعرفوها انفصلوا عن...
زهير الجزائري

اشكالية السياسة والتعصب تحليل سيكولوجي

د. قاسم حسين صالح المفهوم الشائع عند العراقيين بمن فيهم الكثير من المثقفين ، ان المتدينين يكونون متعصبين والمثقفين متحررين وغير متعصبين ، فهل هذا صحيح ام فيه رأي آخر ؟ لنبدأ بتحديد المفهوم...
د.قاسم حسين صالح

باليت المدى: كرسي مكسور الساق

 ستار كاووش عندَ لقائي ببعض الناس أفاجئ ببعض التفاصيل الصغيرة التي تُشير الى نوع من الكسل واللامبالاة وعدم إيجاد الحلول حتى وأن كانت صغيرة. فرغم إنغماس أحدهم بتعديلِ صُوَرِهِ ببرامج الفوتو شوب كي...
ستار كاووش
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram