TOP

جريدة المدى > عام > اكرم فاضل.. مترجم رواية تورغينيف (الآباء والبنون)

اكرم فاضل.. مترجم رواية تورغينيف (الآباء والبنون)

نشر في: 5 يوليو, 2013: 10:01 م

الدكتور أكرم فاضل(1918- 1987 ) – علم من أعلام العراق المعاصر, فهو رجل قانون و باحث وشاعر ومترجم وصحفي, وليس هدف هذه المقالة الكلام عن تلك الجوانب الإبداعية لهذه الشخصية العراقية , فهناك من كتب عن ذلك, واخص منهم بالذكر المؤرخ الأستاذ الدكتور إبر

الدكتور أكرم فاضل(1918- 1987 ) – علم من أعلام العراق المعاصر, فهو رجل قانون و باحث وشاعر ومترجم وصحفي, وليس هدف هذه المقالة الكلام عن تلك الجوانب الإبداعية لهذه الشخصية العراقية , فهناك من كتب عن ذلك, واخص منهم بالذكر المؤرخ الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف , ولكنني أود التوقف هنا عند دور الدكتور اكرم فاضل في موضوعة الأدب الروسي في العراق بالذات وترجمته لرواية تورغينيف ( الآباء والبنون) عن الفرنسية , وهو يذكرني بالدكتور السوري سامي الدروبي الذي ترجم الى العربية عن الفرنسية كثيرا من روائع الأدب الروسي لدستويفسكي وتولستوي وآخرين, وكم هو مؤسف ان الدكتور اكرم فاضل لم يستطع الاستمرار بمسيرته تلك , والتي بدأها عام 1950 , عندما صدرت رواية تورغينيف آنذاك في بغداد , ولم تكن لديه ظروف الدروبي وارادته وتخطيطه . ولنتحدث عن هذه الوقائع  منذ بداياتها.
كنت مرة في زيارة لقسم اللغة الفرنسية في كلية اللغات/ الدراسات المسائية باعتباري معاون العميد , وقرأت اسم الطالب مازن اكرم فاضل, فسألته هل هو ابن الدكتور المرحوم اكرم فاضل فقال نعم انا ابنه, وتعارفنا بالطبع وحكيت له قصة علاقتي الحميمة مع والده وقلت له باني ارغب بالكتابة عنه, فقال انه جمع مقالاته في جريدة العراق وما كتب عنه البعض وانه يستطيع ان يجلبها للاطلاع عليها , وهذا ما حدث فعلا , وقد نشرت آنذاك مقالة في مجلة ( ألف باء ) العراقية  بعنوان ( أكرم فاضل وتورغينيف )أشرت فيها الى ترجمته لرواية تورغينيف والى مقالته المهمة جدا حول هذا الكاتب الروسي الكبير , والتي نشرها في صفحة كاملة تقريبا بجريدة العراق وقلت فيها إن: الأفكار التي وردت فيها دقيقة وصحيحة وموضوعية وان على بعض خريجي الجامعات الروسية ان يتعلموا منها, واختتمت مقالتي تلك باستشهاد من مقطع كتبه الباحث ( العميق والموسوعي والمتواضع) والصحفي العراقي المعروف الأستاذ مهدي شاكر العبيدي عن مكانة الدكتور اكرم فاضل وأهميته في تاريخ الفكر العراقي الحديث, واذكر ردود الفعل الإيجابية , التي تلقيتها من زملائي وأصدقائي حول تلك المقالة آنذاك.
لقد ولدت فكرة كتابة اطروحة ماجستير حول ترجمة اكرم فاضل لرواية تورغينيف في قسم اللغة الروسية بجامعة بغداد ضمن دراسة الموضوعة الروسية في العراق, وتم فعلا إنجاز تلك الأطروحة وبإشرافي العلمي, وقد تمت مقارنة النص العربي بالنص الروسي للرواية , ووجدنا بعض الاختلافات البسيطة , والتي تخضع للاجتهادات الشخصية والتفسيرات الذاتية بالطبع, والتي نجدها في الأعمال الترجمية كافة تقريبا , ووصلنا الى قناعة تامة بموضوعية اكرم فاضل ودقة ترجمته, ومن الطريف ان نذكر ان هذه الرواية قد تم نشرها في بغداد عام 1950بترجمة اكرم فاضل عن الفرنسية وذو النون أيوب عن الإنكليزية , وهو الكتاب الوحيد الذي صدر في بغداد بجهود مترجمين اثنين وعن لغتين اثنتين , ولكننا اشرنا الى ان قناعتنا تميل الى ان الذي حقق هذه الترجمة هو الدكتور اكرم فاضل بالأساس وان دور المترجم أيوب كان ثانويا, وذلك لان أكرم فاضل يرتبط جذريا بالثقافة الفرنسية , وبالتالي فانه وصل الى تورغينيف بالذات , لان هذا الأديب الروسي الكبير ارتبط بمسيرة الأدب والفكر الغربي عموما والفرنسي خصوصا, ومعروفة قصة حبه للسيدة الفرنسية بولينا فياردو , هذه القصة التي تشبه الحكايات الخيالية ( ولا مجال لعرضها ضمن هذه المقالة طبعا) , والتي انتهت بوفاة تورغينيف على الأرض الفرنسية بالذات عام 1883. لقد لمس اكرم فاضل هذه العلاقة الروحية بين تورغينيف والأدب الفرنسي لدرجة قرر فيها ان يترجم رواية ( الآباء والبنون) عن الفرنسية الى العربية لأنه شعر بانها تعبر عن أفكار أديب عشق الفكر الفرنسي مثله, اذ ان اكرم فاضل تعلم اللغة الفرنسية ذاتيا في الموصل وبغداد, ولم يكن بحاجة مادية لها ولم تكن ترتبط بمسيرة حياته ومهنته, اي انه درسها عشقا وهياما بها , ووصل الى اعماقها لدرجة أحس بانه يستطيع ان يترجم عنها رواية لاديب روسي قبل سفره الى فرنسا للحصول على شهادة الدكتوراه, ولهذا فاننا كنا مقتنعين ان الكاتب ذو النون ايوب قد استغل خجل اكرم فاضل وتواضعه الجم وحشر نفسه مترجما ثانيا معه عن اللغة الانكليزية, وقد لمح لي اكرم فاضل شخصيا اثناء مقابلاتي العديدة معه الى ذلك ,بل انه كان يتكلم عن ذلك بسخرية ظاهرة وواضحة جدا, وحتى لو لم يتكلم عن ذلك فان اكرم فاضل هو المترجم المعلٌى والذي استمر بعمله الترجمي لاحقا وابدع فيه ايما ابداع , اما الكاتب ذو النون ايوب فانه سار في طريق ابداعي آخر تماما ولم يسهم في أعمال ترجمية أخرى حسب علمنا المتواضع , وعلى هذا الاساس يمكن القول – وبكل ثقة – ان الدكتور اكرم فاضل هو واحد من رواد المثقفين العراقيين في مجال دراسات الأدب الروسي في العراق.
ومن الطريف ان نذكر في ختام هذه المقالة الى ان هناك مترجما عراقيا كبيرا آخر وهو الأستاذ  خيري الضامن قد ترجم هذه الرواية عن اللغة الروسية بعد اكثر من ثلاثين سنة على ترجمة اكرم فاضل , وصدرت تلك الترجمة عن دار نشر رادوغا السوفيتية المعروفة عام 1985, وكم أتمنى ان تسنح لي ( او لغيري) الفرصة بمقارنة النصين العربيين لترجمة هذين الاسمين الكبيرين في مسيرة حركة الترجمة و الأدب العراقي الحديث , وكم سيكون هذا العمل جميلا وشيقا ومفيدا للباحثين في مجال الترجمة الفنية والمهتمين بها , وبشكل عام فان هذه المقارنة تصلح لرسالة ماجستير في قسم اللغة الروسية بجامعة بغداد بلا ادنى شك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القصة الكاملة لـ"العفو العام" من تعريف الإرهابي إلى "تبييض السجون"

الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية والفنية

شركات نفط تباشر بالمرحلة الثانية من مشروع تطوير حقل غرب القرنة

سيرك جواد الأسدي تطرح قضايا ساخنة في مسقط

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

بيت القصب

مقالات ذات صلة

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة
عام

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

حاوره علاء المفرجيهاتف جنابي؛ شاعر وكاتب ومترجم للأدب البولندي إلى العربية والعربية إلى البولندية. نشأ وتعلّم في مدارس العراق، وفي سنة 1976 توجّه نحو بولندا، لإكمال دراسته، ومن ثمّ للعيش فيها. منذ ذلك التاريخ،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram