ما الذي يدعوا مؤسسة ( فان غوخ أوروبا ) للتهيؤ منذ الآن لاحتفالات منقطعة النظير ستقام سنة 2015 بمناسبة مرور 125 سنة على وفاة الرسام الأشهر فان غوخ 1853 – 1890 ، أي بعد سنتين من الآن ؟ هل أن الوقت مبكر فعلاً للقيام بمثل هذا الاحتفاء الذي سيشمل أغلب مدن ومقاطعات هولندا وبفعاليات مختلفة ، أم أن ذلك التحضير المبكر يليق برسامنا الذي جعل العالم ينظر الى الرسم بشكل مختلف ، حيث حمّل قماشاته عجائن كثيفة من الألوان تشبه ثقل عذابات روحه وكأنه كان يتحسس وينحت الأشكال التي يراها ولا يرسمها فقط . هولندا تحتفي بذلك تحت عنوان ( 125 سنة من الإلهام ) ، حيث سيكون التركيز على الأماكن والمدن التي عاش فيها ومن ضمنها بيته الذي ولد فيه في مقاطعة برابانت كذلك البيت الذي عاش فيه في ثمانينات القرن التاسع عشر في مقاطعة درينته ( كان لي الشرف أن يقام لي معرضاً شخصياً في بيته هذا سنة 2006 وقد أسميت المعرض - تحية الى فنسنت - ) . وبالتأكيد ستكون لمتحفه الشهير في أمستردام حصة كبيرة في ذلك وسيكون نقطة انطلاق للكثير من الفعاليات والتظاهرات الفنية التي تتفنن فيها هولندا وتلونها بمسحة من الجمال والفرادة والابتكار ، صحيح أن الأمر لا يخلو من بعض التسويق والأمور المتعلقة بالسياحة ، وهذه مسألة طبيعية في هولندا ، وهم يعرفون منذ زمن بعيد أن فنسنت من أهم الاستثمارات السياحية بالنسبة لزوار البلد حيث يدخل متحفه مليونا شخص تقريباً في السنة الواحدة ، لكن المسألة أيضاً ثقافية وفنية ، خاصة وهي تتعلق بواحد من أكثر الرسامين شعبية على مر العصور ، وإعادة الاعتبار له في كل مناسبة ، هو الذي عاش حياة قاسية مضحياً بكل شيء ، حتى حياته في سبيل الفن .
كل النشاطات التي ستقام ستصبغ بصبغة فنسنت وعوالمه ، من ضمنها أيضاً جولات بالدراجات الهوائية لأماكن ومسارات خصصت لذلك كذلك مجموعة من كبيرة من المعارض لفنانين مختلفين تتعلق بالمناسبة . للاستعداد للحدث أراها مناسبة جيدة ومفيدة للمعنيين قراءة كتاب ( ملاحقة فان خوخ ) من جديد ، الكتاب الذي أشترك في تأليفه الكاتب مارينوس سخروفرس والمصور ديرك دي هيردر والذي تتبعوا فيه معظم الأماكن التي رسمها فان غوغ في لوحاته وصوروها من جديد وقارنوا صورهم الجديدة مع اللوحات التي رسمها لنفس الأماكن في القرن التاسع عشر .
أعرف أن هولندا بلد يستبق الوقت دائماً ويخترع المناسبات للاحتفال بالجمال ، لكني أشعر أيضاً أن فان غوخ ربما دون قصد قد سبق كل التوقعات حين كتب لأخيه تيو في أحدى رسائله يخبره وقتها أنه سعيد ببناء متحف جديد في أمستردام للفن الهولندي لأن المتحف القديم مكتظ بالأعمال الفنية حيث اللوحات معلقة واحدة فوق الأخرى وهي تربك المكان وتشوش النظر ،. هو لم يفكر حينها بأن بناءً جديداً آخر سيقام بجانب هذه البناية وسيكون متحفاً له وحده منذ سنة 1972 . يا لسحر الفن ويا لعبقرية البلد الذي ينصف أبناءه الكبار .
كيف نستبق الوقت لملاقاة الجمال
[post-views]
نشر في: 12 يوليو, 2013: 10:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 2
بتول الفكيكي
موضوع منور فنيا للعقل البشري في هذه الأيام الخاليه من ابتكار أفكار جميله للإنسان ومعلومات معرفية عن الفنانين. العالمين الذين خدموا الحركة الفنية شكرا للفنان ستار والى مزيد ولك الموفقيه
علي هادي
تحية لجريدة المدى التي فتحت لنا نافذة لفناننا المبدع الذي نطل من خلالها مواضيع الجمال والابداع العالمي.