TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هذا العار "الوطني" في البصرة والناصرية

هذا العار "الوطني" في البصرة والناصرية

نشر في: 13 سبتمبر, 2013: 10:01 م

"لا مكان لكم في البصرة" لم أُصدق ما قاله لي صديق من أن هذه العبارة كتبت على أوراق وزعتها مجموعات مسلحة في مناطق يسكنها مواطنون من الطائفة السنية، لم يعرف صاحبي بالتأكيد مَن كتب هذه الأوراق، فيما صديق اخر كتب لي رسالة يقول فيها " لو تناولتم موضوعة الأسلحة التي تدخل البصرة لصالح بعض المليشيات، ويضيف الصديق أن هناك حملة اغتيالات يتعرض لها أهل السنة في البصرة منذ أكثر من شهرين ".
بالتأكيد سنجد أصواتاً تستنكر وأخرى تشجب.. ولكن علينا أن لا ننسى لحظة واحدة أننا نعيش وسط عقليات ظلامية تسعد وتفرح في مطاردة الآخرين..لا يهم مَن خطّ هذه الجمل المقيتة ولكن الأهم.. هل هو قرار اتخذه أُمراء الطوائف؟ أو أنها مشاعر من الكراهية تضخمت عند البعض، قابلتها هواجس من الخوف جعلت أصحابها يرضخون لتهديدات ميليشيات تختفي تحت جلــد الأحزاب السياسية، بعد عشر سنوات اكتشف الناس أن لا دولة تحميهم.. ولا تعنيها قضيتهم.. ففي كل حوادث التهجير لم يُحاسب المتسببون في هذا المشهد الطائفي، لأن التقارير الرسمية، تنكر كل ما يقال عن هذا الموضوع وتشتم من يتحدث عنه.. ولم ينته خبر البصرة حتى جاءتنا الأنباء وهذه المرة من الناصرية حيث تم أيضا تهجير عدد من أسر "الطائفة السنية" على إثر تهديدها والاعتداء على أفرادها، والمضحك ان البعض ممن يرفعون لواء لا مكان لكم في الناصرية يبررون فعلتهم بأن بعض أبناء هذه العوائل انتمى لحزب البعث ويضربون مثلا بعضو القيادة القطرية لحزب البعث عبد الباقي السعدون، وينسى أصحاب مشروع لامكان لكم هنا، ان مدينة الناصرية التي أسست عام 1869 سميت على اسم واحد من أبرز رجالات عائلة السعدون هو ناصر باشا السعدون، ويتناسون ان الكثير من اعضاء مجالس المحافظات كانوا لا ينامون الليل قبل الهتاف بحياة "القائد الضرورة".
أصحاب رسائل "لا مكان لكم في البصرة والناصرية" ينتمون حتماً إلى ثقافة طائفية ترى في تحقير الآخر وإقصائه غاية ومنهجاً.. وتؤمن أن هذا البلد لا يتحمل أكثر من طائفة واحدة.. وهنا لابد من فرض واقع جديد يعتبر الآخر "غريبا" وعليه أن يقبل بشروط صاحب الدار.. وهو المنهج نفسه الذي يتبعه الكثير من المسؤولين وقادة الكتل السياسية الذين يرون أن الحــلَّ في أزمات البلد هو تحويل الشعب إلى قبائل وطوائف.. هذه هي العقلية التي ترفض أن نتساوى جميعا في المواطنة.. عقلية تعادي ما ليس يشبهها.. ولا تجـد للآخر سوى طريقين إما الرحيل أو القتل.. ثارات لا نهـاية لها، أصحابها لا يريدون أن يتأملوا جيداً أن مَن يُقدِّس الموت ويحتقر الحياة ينتهي مثل ما انتهى صاحب "زنقة زنقة" حيث لم يجــد بعد أربعين عاما من الغطرسة، مظلة تحمية سوى مجاري القاذورات!
تعلمنا تجارب الشعوب أن معارك الكراهية تنتصر مؤقتاً، فالفوز الدائم لأهل التسامح والمحبة والطمأنينة.. كم عقداً دام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، وفي النهاية كان الفوز لمانديلا.!
هل نتعلـَّم من هذه التجارب كيف نترجل عن هذه الحلبة الدموية، وأن نضع حداً لجريمة قتل الآخر وتهجيره باسم المظلومية والطائفة والدين؟ قد تبدو المهمة اليوم عسيرة،ولكن قديماً قال أرسطو إن ترميم الأوطان ليس بالعمل الهيـِّن.
فيـا مَن كتبتَ "لا مكان لكم البصرة أو الناصرية" عليك أن تعرف أنك لست وحدك في هذا البلد، لا أنت ولا مَن يشبهونك، هذا وطن من يؤمنون به، بتنوعه وتعدده، والمواطنة فيه ليست مِنَحاً توزَّع حسب الهوية، هذا وطن سيحتضِر لو أُلغي فيه حق الآخر، أو انتصر فيه امراء الميليشيات على مَن هم أضعف منهم.. أو قـُهر فيه البعض لصالح القطيع الطائفي، خراب البلدان ليس في الحرب التي تقتل الأرواح، بل في الحروب التي تقتل النفوس والمشاعر، وتحجب النور، ليتحول كلُّ شيء إلى ظلام دامس!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 9

  1. Hassan

    مثلما هجر اليهود والمسيحيين والاكراد الفيليين والسنه من مناطق شيعية وشيعه من مناطق سنية هذه العقلية لن تتوقف عن ثقافة التهجير حتى لو بقيت ملة واحدة سيجدون فرقا بين الملة الواحدة لتهجيرهاوهنالك الف سبب سيخترعونه للاختلاف .

  2. ابن البصرة

    للاسف الطائقية تهيمن على الكثيرين ومنهم كاتب المقال الذي سلط الضوء على مجرد تهديدات للسنة في البصرة والناصرية وغض الطرف عن تهديدات مقرونة بالافعال تستهدف الشيعة ومنشورات توزع في الموصل تدعو الشيعة للهجرة من المدينة وماشهده سهل الموصل من عمل انتحاري استهدف

  3. فد واحد

    شنو هالانبطاح !! صار عشر سنين البعثيين يقتلون ويحركون ويهجرون بالشيعة باسم القاعدة والسنة والغربية.. وهمه نفسهم الان يهددون السن ببعض مناطق الشيعة باسم المليشيات لكن العشرات من التجار والمقاولين والسياسيين يصولون ويجولون بمناطق النجف وكربلاء والكاظمية وم

  4. مها علاء

    مقصودعمليات التهجير في البصرة التي تقوم بها ميشليات قريبة من الحكومة لافشال عمل عمل الحكومة في البصرة واظهارها انها غير قادرة دون ائتلاف دولة القانون الذي سيعمل على تهجير العوائل التي خسر قواعدها خاصة في بغداد وغيرها

  5. ابن العراق

    السلام عليكم ارسلت تعليقآ على هذا الموضوع ولم تنشروه مع التقدير

  6. ابوعبدالله السعدون

    السلام عليكم.رغم كل ما يحصل وحصل من قتل وتهجير للشيعه والسنه.في مختلف مناطق العراق سيبقى العراق واحد وسينهزم الطائفين الذين جائو مع الدبابات الامريكيه.رغم انوفهم وضريبه الدم ندفعها لان العراق يستحق.

  7. ابوعبدالله السعدون

    السلام عليكم.رغم كل ما يحصل وحصل من قتل وتهجير للشيعه والسنه.في مختلف مناطق العراق سيبقى العراق واحد وسينهزم الطائفين الذين جائو مع الدبابات الامريكيه.رغم انوفهم وضريبه الدم ندفعها لان العراق يستحق.

  8. ابوعبدالله السعدون

    السلام عليكم.رغم كل ما يحصل وحصل من قتل وتهجير للشيعه والسنه.في مختلف مناطق العراق سيبقى العراق واحد وسينهزم الطائفين الذين جائو مع الدبابات الامريكيه.رغم انوفهم وضريبه الدم ندفعها لان العراق يستحق.

  9. ابوعبدالله السعدون

    السلام عليكم.رغم التهجير الطائفي والقتل الطائفي الذي جاء مع من جائوا على الدبابات الامريكيه او عبرو الحدود الشرقيه سيبقى العراق واحدا رغم انوفهم

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram