هناك نوع من الأخبار عديم اللون والطعم والرائحة، يثير الاستغراب بقدر ما يثير الضحك، وغالبا ما تأتي هذه القفشات الخبرية من مصادر مجهولة لا ينبغي للناس أن تعرفها، فهي عليمة وفهيمة، أصحابها مجهولون لكنهم واسعو الاطلاع والخبرة، هذه النوعية تنتمي إلى صنف انقرض من صحافة الإثارة التي غالبا ما يكتشف القارئ أن المصدر الوحيد فيها هو الخيال الجامح لصاحب التصريح، في هذا الإطار يمكن التعامل مع الخبر الذي نشره موقع المسلة الالكتروني أمس بـ"البنط العريض" كما يسمى بلغة أهل الصحافة ، فالمصادر الامنية الرفيعة اكتشفت أن ضباطاً من "الموساد" الاسرائيلي كانوا متواجدين في ساحة اعتصام الرمادي، ولم ينس المصدر "الرفيع" والذي رفض الكشف عن اسم "سيادته" ان يبشرنا بان هؤلاء الضباط، وبعد قرار رفع ساحة اعتصام الرمادي هربوا الى سوريا، وبعدها تم تهريبهم من محافظة درعا السورية الى إسرائيل عن طريق الجيش السوري الحر".
والحاصل أن هذه التسريبات الكوميدية ستظل تلاحق المواطن المسكين من الآن فصاعدا باعتبارها فصلا جديدا من كوميديا أوسع واشمل اسمها "المؤامرة على الحكومة" والتي بدأت بفزاعة المخطط الشيطاني التخريبي القادم من ساحة التحرير في شباط عام 2011، حيث سعى ثلة من الشباب لتنفيذ أجندة خارجية ضد حكومتنا المسالمة صاحبة الرقم القياسي في الانجازات الخدمية والتعليمية والصحية، ثم تطورت الأمور مع سيل من البيانات الثورية التي أطلقها قادة أمنيون صاحبتهم فيها إيقاعات على مارش عسكري عزفه عدد من المقربين اقسموا جميعهم بأغلظ الإيمان على أن المنطقة الخضراء كادت تتعرض لهجوم كاسح لولا لطف الله بعباده الصالحين.
هكذا بدأت المصادر الامنية "الرفيعة" تمارس قصفا جديدا على عقول الأبرياء من الناس، بكل أنواع أسلحة التضليل وحرف الحقائق، بأكداس من الخرافات، كي نستغرق مع الحكومة في الحديث الصاخب عن الانقلابات العسكرية والمؤامرات التي تحاك في الظلام، وننسى ان واجب الحكومة هو تكريس الجهود للبناء والتنمية وتطوير قدرات العراقيين وتأسيس دولة المواطنة، للأسف مايزال البعض مصرا على أن لا تحريك لأي ملف ما لم يتم القضاء على كل المتآمرين الذين يهددون استقرار المنطقة الخضراء.
كنا نعتقد واهمين ان الخطر الاكبر الذي يواجه البلاد هو ارهاب القاعدة وفرعها داعش ومعهم الفساد المستشري في كل مؤسسات الدولة، والمحسوبية والانتهازية السياسية وغياب الكفاءات وسرقة المال العام، لكن المصادر "الرفيعة " تفاجئنا كل يوم أن اخطر ما يواجه الناس هو المؤامرة التي يقودها "نتنياهو" من الرمادي لاسقاط النظام السياسي في العراق، فقد اكتشف الموساد الاسرائيلي ان القيادة العامة للقوات المسلحة في العراق اعدت العدة وجهزت الجيش لتحرير القدس وإرجاع لواء الاسكندرونة وعودة الفرع اسبانيا إلى الأصل العربي، طبعا بعد محو أميركا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا ورمي قوات الناتو في المحيط الهندي.
ولان الحكومة مهتمة براحة بال المواطن فإنها لا تريد له الدخول في تفاصيل هذه المؤامرات كما سعت من قبل ألاّ تشغل تفكيره في مهلة المئة يوم التي اعطاها المالكي لنفسه، وبالتاكيد مثل هذه الأخبار تدغدغ مشاعر المخدوعين، لكنها في المقابل وسيلة لابتزاز قطاع كبير من العراقيين، بطريقة الخوف الدائم من المجهول، حين يصر البعض على اتهام الناس بان أمنهم في غرفة الانعاش ولن يشفى أبداً.
والسؤال هنا: من يخشى دولة تمارس السياسة بمنطق الكوميديا، وبرلمانها أقرب إلى سوق للمقاولات يتحول فيه النائب الى ديك فصيح حين يتم الاقتراب من امتيازاته؟
تعلمنا كتب التاريخ ان الاستبداد ابن شرعي للمؤامرة، لا يمكن أن يعيش دونها، ولا من دون ساسة ومسؤولين يروجون لها، فالمواطن العادي لا بد أن تخرج له الأشباح صباحا ومساءً، ومن كل مكان ليبقى تحت السيطرة.
اليوم لا صوت يعلو فوق صوت الحكومة التي تواجه المؤامرات مرة تركية وبالامس كانت سورية، ومرات امريكية واخيرا اكتشفنا انها صهيونية.
المؤامرات لا تنتهي.. لكن تجارتها رغم محاولات الترويج لها أصبحت أسخف مما نتصور.
" نتنياهو " في الرمادي !!
[post-views]
نشر في: 22 فبراير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
آريين آمد
العرب جميعهم مصابون بنظرية المؤامرة... نتيجة لتراكم الفشل التاريخي ... لهذا لم نسمع يوما دولة مثل السويد او الدنمارك مثلا تتحدث ولو لمرة واحدة عن وجود مؤامرة تحاك ضدها.....في حين المؤامرات تحاك ضدنا صباح مساء... لمن المشتكى بعد ان بلغ السيل الزبى.
المدقق
كلي بروح ابوك اذا الخبر جان جذب مثل ما تكول . زين اكدر اسالك وانته شمدريك ان الخبر جان جذبة ؟؟؟لو هو بس تسفيط حجي .. عمي بطلو من كلاواتكم تره انكشفتو وطلعت الشمس عليكم ..
الناصري
رفيقي المدقق هسه انته شنو درجتك الحزبيه ......عذرا ...نسيت توقعتك عضوفرقه بالحزب الحاكم ...لان احسك اضوج من واحد يحجي عل حكومه هذي سوالف مال بعثيه انته ارقى انته دعوه جي مصلح المفروض مه مضوج من واحد يحكي الحكومه .....والله تاهت علينه مه نعرف البعثي من