ضيَّف اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين وضمن منهاجه الأسبوعي ليوم الأربعاء الماضي الباحث التربوي الدكتور سعد مطر في محاضرة بعنوان "المثقف وتداعيات الأزمة الحالية" . وأوضح مقدم الجلسة الناقد علوان السلمان ان الثقافة هي مركب شامل من التفاعل الاجتماعي وسل

ضيَّف اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين وضمن منهاجه الأسبوعي ليوم الأربعاء الماضي الباحث التربوي الدكتور سعد مطر في محاضرة بعنوان "المثقف وتداعيات الأزمة الحالية" . وأوضح مقدم الجلسة الناقد علوان السلمان ان الثقافة هي مركب شامل من التفاعل الاجتماعي وسلطة موجهة لسلوك المجتمع كونها تصنع من الوعي الجمعي شخصيتها التي تتشكل عبر حركة التاريخ، والتي يحقق وجودها ويوثقه المثقف الكائن العضوي العالم بالكليات، والمراقب كسلطة مشرعة. فالثقافة هي البيئة التي تتحرك فيها المسارات العامة وغروب التفكير والتنوع الاجتماعي بما تتضمنه من عادات وتقاليد وأذواق. وقال: اليوم لقاؤنا مع ثقافة معرفية يخوض غمارها الباحث الدكتور سعد مطر المولود في بغداد سنة 1958 حاصل على شهادة الدكتوراه في التربية وعلم النفس وعلى عضوية اتحاد الأدباء ونقابة الصحفيين واللجنة الوطنية لحقوق الانسان في وزارة التربية. اسهم في تأسس جريدة "التربية اليوم" ومجلة "الحياة" كما انه حاصل على شهادة خبرة من كوريا الجنوبية في مجال حقوق الانسان وغيرها. سافر الى بلدان عدة وكانت حصيلة ذلك إصدار كتاب بعنوان "يوميات مثقف في اسطنبول" وكتب العديد من الدراسات والبحوث منها "الاتجاهات المعاصرة في بناء المناهج الدراسية" و "نقد المنهج" و "المثقف والدولة" اضافة الى دراسات في القصة والرواية.
وأشار الدكتور سعد مطر الى ان الثقافة هي مجموعة من الغايات الكبرى التي يمكن للانسان تحقيقها بصورة حرة وتلقائية انطلاقاً من طبيعته العقلانية، وتقسم الى ثلاثة مستويات : عموميات وخصوصيات ومتغيرات. الاولى يشترك بها الجميع والثانية تدخل ضمن التخصص العلمي والمهني، والمتغيرات يكون للمثقف فيها حضور اكبر من الآخرين يضاف الى تخصصه. أي ان هناك هوية ثقافية تنبثق من وعيه وتتشكل في منجزه وخطابه وتتبوتق في وطنيته بقدر ما هو ايجابي بالنسبة للمتغير، وعلى العكس من ذلك اذا كان المتغير سلبياً. مبينا ان هناك هزيمة نفسية تعرض اليها المثقف العراقي أدت الى تشظي بعض المثقفين باتجاهات مختلفة فهنالك من اغترب واتجه مع الثقافة الغربية، ومنهم من تشكل آيديولوجيا فاتجه الى المؤسسات الحزبية، ومنهم من تقوقع على ذاته وهناك من تحول الى كائن نصي.. بينما يجب على المثقف ان يكون له حضور حيوي وفاعل في المجتمع ووجوده لا يقل أهمية عن السياسي بل هو المعادل الموضوعي له. فالسياسي ينتهي بانتهاء مرحلة او ظرف او يقف عند حدود حزبه واتجاهه بينما المثقف يشكل وعي المجتمع لذلك فهو خطير.. وأوضح: ان المشكلة التي تواجهنا تكمن في التحول الذي حصل في البلد والذي أدى الى انهزام المثقف بدلاً من صموده ليصنع حدثاً تاريخياً يرتقي بوعي المجتمع من خلال ممارساته الثقافية سواء بالشعر او النقد او غيرها. وقال: طيب هناك سؤال يطرح نفسه ، من هو المثقف؟ المثقف على مر التاريخ بدءاً من تسميته بالسفسطائي والجدلي والفيلسوف وزارع العقل والمهذب والاصلاحي، ثم اطلقت عليه تسمية التنويري ثم الفاعل الاجتماعي والفاعل الانساني وبعدها التقني. هذه التعابير ترتبط بالحدث التاريخي للمجتمع وبالتأكيد فان المثقف هو عابر للعصور والأماكن وعنده يرتقي الجانب الانساني من خلال تجاوزه للتناقضات والاشكاليات لأنه أنموذج وطني للانسان البسيط ولسان حال المجتمع للارتقاء بالقيم والوعي. فاذا انساق هذا الأنموذج طائفيا او براغماتيا فمن سيكون للمجتمع اذا كان المثقف لا يشكل حضوراً؟. واكد: حقيقة نحن نفخر بمثقفينا لأنهم اثبتوا حضورهم في كل زمان ومكان من خلال ابداعهم ووعيهم ولكن للأسف الشديد البعض القليل انهزامي اتجه الى مسار آخر بعد ان ضربت مصالحه. او نجده يتحدث بثقافة طائفية مذهبية او دينية او حزبية او قومية، بينما على المثقف ان يكون الوسيط بين الفرد والدولة. فعلينا الآن ان نخرج من اطار الاشكاليات التقليدية والوصفيات وإسقاط الفرض وان نتوجه لوضع الأمور في مواضعها.