لم أستطع إكمال مشاهدة فيديو حرق الطيار الأردني إلى النهاية.. كنت حزينا، وأنا أرى هذه الوحوش البشرية تقرر في لحظة أن تتحول إلى وكلاء باسم الدين، تثبت للعالم أننا خير أمة في فنون القتل والحرق والذبح، طرق ووسائل نادرة ومبتكرة من الهمجية تخصص بها القدر السياسي في بلاد العرب والمسلمين، سيقول البعض إن فيديو "الحرق" هو نتيجة طبيعية للصمت الخبيث إزاء ما حدث من مجازر للعراقيين والسوريين خلال الأعوام الماضية.. وسنقول لهم ياسادة منذ نصف قرن وشعوب هذه المنطقة تحولت إلى آلات حاسبة تعد كل يوم عدد القتلى والمغيبين والمهاجرين إلى المجهول.. طبعا لا يمكن حساب عدد الذين يسيرون حفاة ومعدمين.. ومنذ نصف قرن أيضاً وقادة هذه المنطقة أدمنوا أخبار الدماء ورائحة الجثث، وأدمنوا معها مشاهد التعذيب وتعليق الخصوم في السجون، الجميع ينظر إلى شعبه على أنه مجموعة جرذان وفقاعات!
بالأمس امتلأت صفحات الفيسبوك وتويتر بحكايات عن القتل في تراث الإسلام، البعض ذهب ليقتبس من موسوعة العذاب لعبود الشالجي، فيما اخرون استشهدوا بالطبري وابن كثير، الكل عاد بآلة الزمن الى القرون الغابرة، لكن لا احد التفت إلى ما قبل خمسين عاما، ليعرف جيدا ان داعش لم تنبت من فراغ، انها مثل ظواهر كثيرة أفرزها مجتمعنا العربي المليء، بحكايات القتل والموت والسحل والتنكيل.
في كتاب حسن العلوي "دولة المنظمة السرية" وصف توثيقي لما حدث في قصر النهاية عندما قرر ناظم كزار ان يقدم مشهدا مبتكرا من مشاهد القتل: "نادى على احد السجناء وطلب من الحراس تقييد يديه وقدميه ثم وضعه في تابوت واغلق الغطاء بسامير ثم قام وقطعه من وسطه بالمنشار على مرأى من المعتقلين جميعا".
ستقولون هذه حالة شاذة، وماذا يا سادة عن جثث العائلة المالكة العراقية من قرأ منكم هذه الشهادة المثيرة للاسى: "رمى جندي للجموع جثة الوصي عبدالإله فجرّدتها من الملابس وراحت تسْحَلها عارية في شوارع بغداد إلى أن علّقتها على سياج احد الفنادق، فهجم حشد من الناس وأخذوا يقطّعونها، ثم أنزلوا بقايا الجثة لتُسحل، وهناك طَعن شاب الجثة بحرْبة فخرجت الأمعاء فالتقطها رجل آخر ولفّها حول عُنقه وراح يرقص فرحا".
الم تخبرنا الوثائق ان القذافي كان يحتفظ بجثث معارضيه بعد قتلهم في ثلاجات بمنزله، وقد وجدت هذه الجثث بعد مقتله.
كل ما نراه من على شاشات الفضائيات من انهيار لقيم الحياة، هو صناعة سياسية عربية خالصة، فبأيدي ساستنا الأشاوس كتبت أسوأ صفحات في تاريخ الإنسانية، الكل يصرخ "اسحقوهم " الكل يقف على المنصة مثل موسوليني ويصرخ: "لا مكان للعظام العفنة بعد اليوم" الكل مشغول بابتكار وسائل جديدة للقتل، لكن لغة الوحوش واحدة: لا مكان لأنفاس من نختلف معهم.
من أوصلنا إلى مشهد "الحرق"، ومن قبله مشاهد كانت فيها الناس تذبح بدم بارد، بمباركة وهتافات شيوخ الفضائيات الذي رأوا فينا أقواماً خارجة على الملّة.. موهمين البسطاء أن طريق الجنة مفروش "لأكلة لحوم البشر" وان الوحشية مفتاح الإيمان.
" كرّوا وأنتم أحرار" وبغير الكرّ والفرّ على الآخرين لا سعادة في الدنيا ولا جَنّة في الآخرة! هكذا تعلمنا دفاتر التراث.. لا شيء غير الطعنة النجلاء في أجساد من لا يؤمنون بأفكارنا.
نقتل باسم الإسلام، ونأكل الأكباد ونحن نكبّر ونهلّل، ثم نخرج على الفضائيات نتحدث عن المؤامرة الصهيونية، ونشتم اميركا في برنامج الاتجاه المعاكس، وننسى اننا ابناء الرجل الذي حول جسد نوري السعيد الى "شيش لحم "، ونعلم ابناءنا ان الحضارة الاسلامية أزدهرت وعمت الارض بفضل قائد "ذباح" اسمه ابو العباس السفاح.
الذين يرونها غريبة!!
[post-views]
نشر في: 4 فبراير, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 8
بغداد
مجازر فوقها مجازر منذ ان شرحت صدرها الملعونة مادلين أولبرايت في عهد الجزار بيل كلنتن وصرحت امام الإعلام العالمي بكل سادية انها سعيدة بموت وابادة مليونان طفل عراقي؟! هذه العصابات الداعشية الغامضة من يمولها ومن بطعمها ومن يسقيها ومن ينزل لها طائرات تخترق ا
عراقي
الاخ علي حسين المحترم كنت شاهدا على حدث تعليق جثة الامير عبدالإله ، علقت الجثه فوق مطعم ( قمر الكرخ ) في حينه القريب من ساحة الشهداء ،كان المرحوم عاريا ،وفعلا قطعت اوصاله ،بعد ان تفسخت الجثه انزلت ،وأبقوا حذاءه معلقا لشهور اخرى وكان لونه ( بني ) فاتح ،ف
علي
استاذ علي..لاتنس ايظا حرق البشر الذي قامت به الملشيات في مدينة الحريه ولا ذاك الذي تعرض له اتباع الحسني saفي كربلاء
شاكر
و لا يجوز ان ننسى ان الفتوحات التي نفتخر بها ونعلمها للأجيال لم تكن سوى غزوات إحتلال لا تختلف عن الأحتلال الأمريكي أو البريطاني الذي كان وما يزال يتغنى بحقوق الأنسان والديقراطية ونحن تغنينا بنشر النور والعدالة وسبينا النساء وقتلنا الملايين وأجبرناهم على ت
بغداد
مجازر فوقها مجازر منذ ان شرحت صدرها الملعونة مادلين أولبرايت في عهد الجزار بيل كلنتن وصرحت امام الإعلام العالمي بكل سادية انها سعيدة بموت وابادة مليونان طفل عراقي؟! هذه العصابات الداعشية الغامضة من يمولها ومن بطعمها ومن يسقيها ومن ينزل لها طائرات تخترق ا
عراقي
الاخ علي حسين المحترم كنت شاهدا على حدث تعليق جثة الامير عبدالإله ، علقت الجثه فوق مطعم ( قمر الكرخ ) في حينه القريب من ساحة الشهداء ،كان المرحوم عاريا ،وفعلا قطعت اوصاله ،بعد ان تفسخت الجثه انزلت ،وأبقوا حذاءه معلقا لشهور اخرى وكان لونه ( بني ) فاتح ،ف
علي
استاذ علي..لاتنس ايظا حرق البشر الذي قامت به الملشيات في مدينة الحريه ولا ذاك الذي تعرض له اتباع الحسني saفي كربلاء
شاكر
و لا يجوز ان ننسى ان الفتوحات التي نفتخر بها ونعلمها للأجيال لم تكن سوى غزوات إحتلال لا تختلف عن الأحتلال الأمريكي أو البريطاني الذي كان وما يزال يتغنى بحقوق الأنسان والديقراطية ونحن تغنينا بنشر النور والعدالة وسبينا النساء وقتلنا الملايين وأجبرناهم على ت