TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من يربح حروب الكراهية؟

من يربح حروب الكراهية؟

نشر في: 6 مارس, 2015: 06:28 ص

إذا أردتم المقارنة بين أحوالنا، وأحوال البلدان التي لم تعش " للأسف" تجربة العراق الجديد، سوف يقال إن سبب الفارق هو اننا بلدان يخشى ساستها الله ويؤدون الفرائض، ودعونا أرجوكم من مراعاة حق الفقير في العيش بأمن وكرامة بشرية، فلنأخذ مستوى المواطنة واحترام حق الاختلاف، والمحافظة على مدنية الدولة، ولنأخذ مستوى العدالة الاجتماعية، الذي لم يكف ساستنا يوماً عن العمل على "إشاعتها" منذ أحد عشر عاماً.
حاول أن تقرأ ماجرى لهذه البلاد من ديمقراطية "نادرة"، وتتطلع الى البدان التي لم تحظَ بمثل هذه التجربة الفريدة شيئا، ولا أرادت أن تصنع معارك المصير، ستكتشف اننا نتفوق بعدد الخطابات و"جديتها".
قبل أيام خرج رئيس وزراء بريطانيا دافيد كاميرون ليعلن عن إقامة تمثال للمهاتما غاندي في ساحة البرلمان البريطاني..
وقال كاميرون: “المهاتما غاندي مصدر إلهام، نهج اللاعنف الذي تبناه سوف يتردد صداه للأبد كإرث إيجابي ليس فقط بالنسبة للمملكة المتحدة والهند، ولكن للعالم ككل”.
وأضاف: “لقد كان رجلاً له بصيرة عميقة وما زال الكثير من ملاحظاته باقية ومواكبة لأيامنا هذه”.
وتابع كاميرون، أن التمثال الذي تم من تبرعات من المواطنين، يعكس “أهمية غاندي الكبيرة في تاريخ بلدينا”
وأتمنى عليك وأنت تنتهي من قراءة الخبر، ان تعرف ان صاحب التمثال "غاندي" قاد اكبر ثورة في التاريخ ضد الاستعمار البريطاني وبفضله نالت الهند استقلالها عام 1947.
سحر غاندي البريطانيين بتواضعه، وبرفضه للعنف وبعفوه الدائم وبابتسامته السمحة التي دفعت "عدوّه" تشرشل إلى ان يخالف البروتوكول فيقرر الوقوف في باب رئاسة الوزراء لاستقبال الرجل النحيل الذي قرر ذات يوم وفي هدوء ان ينهي سلطة الرجل الابيض على القارة الهندية، وقبل ان يسحر غاندي زعماء ومشاهير العالم كان قد سحر مواطنيه الذين علّمهم ان الانتصار لا يعني الثأر والانتقام، وانما الصفح والمغفرة.
قاد تشرشل بريطانيا للنصر في الحرب العالمية الثانية.. لكنه خسر سباق السياسة أمام رجل نحيل جاء من بلاد الهند يجر وراءه معزة أكثر منه نحولا.
لا أعتقد أن هناك من يمل من الحديث عن سيرة الرجل النحيف الذي قال لأعدائه ذات يوم "لقد عرفت القانون وجربته فنجح أعظم نجاح، ذلكم هو المحبة وبها ستتحرر الهند".
اختصرها غاندي الذي كان يرفض أن يخدع الناس: "إني أوثر الانتظار أجيالا وأجيالا، على أن ألتمس حرية شعبي بالاكاذيب " يتكرر مشهد اصحاب الشعارات والبدلات البراقة على مر العصور دون أي تغيير، مجرد إضافات جديدة، ألم يخبرنا احد ساستنا ذات يوم أننا الشعب الأول في مجال الاستقرار والازدهار والتنمية، ونسي ان يضيف الى قائمة الاوائل،الخراب والفساد وتأسيس دولة داعش.
أرجو ألا يظن أحد أنني أحاول أن أعقد مقارنة بين مسؤول فاشل، وآخر يرى في الحكم وسيلة لا غاية، لكنني أحاول القول إن لا شيء يحمي الدول من الخراب سوى سياسيين صادقين، في العمل وفي الاعتراف بالتقصير.
كم سياسياً ومسؤولاً مصرّاً على ان يحرق هذه البلاد بسبب هواية الكذب والزعيق المتواصل؟ كم سياسياً يريد ترويض الناس بجمل وشعارات عن الوطنية والمظلومية؟ كم انتهازياً يشنّ كل يوم هجوماً على أدمغة الناس باسم "الاجندات الخارجية"؟
رجال النصر في هذا العالم كانوا يدركون جيدا أن الانتصار الأكبر هو الانتصار على الظلم والجهل والفقر.. لا مكان لمعارك الثأر والدفاع عن الخراب.
تتوالد وتتكاثر الأحقاد والضغائن في المناخات الملوّثة بوباء الطائفية والاستبداد، راجعوا معي حكاية المهاتما غاندي، فستجدون كيف تبنى الأمم حين يهجر الساسة خطب الكراهية والمنفعة والطائفية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 8

  1. عدنان فارس

    هؤلاء الذين يدعوهم علي حسين الى مراجعة حكاية المهاتما غاندي في بناء الأمم، يصرّون على نهجٍ آخر غير نهج المهاتما غاندي.... هؤلاء، ياعلي حسين، رفضوا حتى الاشتراك في تشييع جنازة، نيلسون مانديلا، الذي خرج من السجن العنصري وقادَ بلده نحو التعايش السلمي بين م

  2. قيران المزوري

    اذا خرجت من الهند بقارتها وعددها غانديآ واحدآ فلدينا رغم صغر المساحة وقلة العدد الفتلاوي والصيادي والجبوري مشعان والقائمة تطول وانهم الخير والبركة للوصول الى بر الامان بالمحبة والوئام .....

  3. ام رشا

    أستاذ علي ليتهم طبقوا مبادئ غاندي في تعاملهم مع شعوب العالم الثالث وشعب فلسطين اكبر مثال ،السلاح والمقاومة اخر خيارات الشعوب والشعب العراقي نال ما نال من الجيش البريطاني اثناء احتلال العراق سابقا ولاحقا بعد 2003مع ان العراقيين المساكين استقبلوهم بالورود

  4. د عادل على

    ليست هناك حروب الحب والحروب تصنع الكراهيه والخاسرون في الحروب هم الفقراء الديت يعطون دماء أبنائهم لكى تزداد ثروة الأغنياء الدين يصنعون الحروب -هل كان واحد منكم أيها العراقييون محبا لقتل ابنه واولاد ابن أخيه في قادسيه صدام --------صدام كان سعيدا في حروبه

  5. عدنان فارس

    هؤلاء الذين يدعوهم علي حسين الى مراجعة حكاية المهاتما غاندي في بناء الأمم، يصرّون على نهجٍ آخر غير نهج المهاتما غاندي.... هؤلاء، ياعلي حسين، رفضوا حتى الاشتراك في تشييع جنازة، نيلسون مانديلا، الذي خرج من السجن العنصري وقادَ بلده نحو التعايش السلمي بين م

  6. قيران المزوري

    اذا خرجت من الهند بقارتها وعددها غانديآ واحدآ فلدينا رغم صغر المساحة وقلة العدد الفتلاوي والصيادي والجبوري مشعان والقائمة تطول وانهم الخير والبركة للوصول الى بر الامان بالمحبة والوئام .....

  7. ام رشا

    أستاذ علي ليتهم طبقوا مبادئ غاندي في تعاملهم مع شعوب العالم الثالث وشعب فلسطين اكبر مثال ،السلاح والمقاومة اخر خيارات الشعوب والشعب العراقي نال ما نال من الجيش البريطاني اثناء احتلال العراق سابقا ولاحقا بعد 2003مع ان العراقيين المساكين استقبلوهم بالورود

  8. د عادل على

    ليست هناك حروب الحب والحروب تصنع الكراهيه والخاسرون في الحروب هم الفقراء الديت يعطون دماء أبنائهم لكى تزداد ثروة الأغنياء الدين يصنعون الحروب -هل كان واحد منكم أيها العراقييون محبا لقتل ابنه واولاد ابن أخيه في قادسيه صدام --------صدام كان سعيدا في حروبه

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram