اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > يعطيكم العافية!

يعطيكم العافية!

نشر في: 1 سبتمبر, 2015: 09:01 م

قبل حلول موعد رئاسته مجلس الحكم (السابق) في كانون الثاني 2004، زار الدكتور عدنان الباجه جي لندن التي أقام فيها من قبل، واتصل بي لالتقيه في بيته. فكّرتُ يومها أن لديه شيئاً ما ذا أهمية للنشر، لكن تبيّن لي أنه استدعاني لأمر آخر.
سألني الدكتور الباحه جي رأيي في ما إذا يرشّحني لأكون ناطقاً باسم مجلس الحكم متمنياً عليّ القبول، لكّنني شكرته وأعتذرت عن عدم تحقيق رغبته. أتذكّر أنني لم أكتف بالتعلّل بأن لدي عملي المستقر في صحيفة "الشرق الأوسط" مديراً للتحرير ومسؤولاً عن الملف العراقي، وانما زدتُ على ذلك بالقول: "دكتور، ما الذي يفعله الناطق باسم مجلس الحكم؟.. أنتم 25 شخصاً، أعرف أنكم مختلفون في آرائكم ومواقفكم، وستكون وظيفة الناطق باسم المجلس أن يبتسم للصحفيين ويقول لهم إن المجلس عقد اجتماعاته في جو أخوي حميم وأن الآراء كانت متطابقة والنتائج مثمرة.. دكتور لا أحب هذه المهنة".
كما هو دائماً كان الدكتور الباجه جي جمّ التهذيب ودبلوماسياً من الطراز الرفيع، تفهّم موقفي مع أنه تمنى عليّ أن أفكّر وأعيد النظر في قراري.
تذكّرت أمس ذلك الحديث مع الرجل الذي كنتُ ولم أزل أعتقد أنه كان الأجدر، بين الخمسة والعشرين، بمنصب أول رئيس للعراق في عهده الجديد.. تذكّرتُ وأنا أقرأ البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية بشأن اجتماع الرؤساء الثلاثة (النواب، الجمهورية، الحكومة) المنعقد أول من أمس.. إنه بيان من النوع الذي رفضتُ أن أصرّح بمثله قبل اثنتي عشرة سنة.. لا يقول شيئاً محدّداً ولا يعبّر عن شيء مفيد.. إنه يشبه السؤال الذي يطرحه المحامي على المتهم أو الشاهد ولا يقبل به رئيس المحكمة واصفاً إياه بأنه سؤال غير منتج.
نعم، البيان الرئاسي غير منتج، فهل كان الاجتماع نفسه غير منتج؟
لحظة انعقاد الاجتماع الرئاسي انتظر العراقيون بياناً يطمّنهم إلى أن مطالب المتظاهرين التي هي مطالبهم، وكلها تقريباً عادلة ودستورية وملحّة للغاية، ستكون مُجابة وأن قيادة البلاد العليا قد قرّرت اتخاذ الاجراءات الفورية لتنفيذ خطتي الاصلاح المقدمتين من الحكومة ومجلس النواب.
الاجتماع لم ينتج عنه شيء من هذا، بحسب ما أفاد به البيان الذي قال: "جرى خلال اللقاء بحث الوضع الأمني وملف الاصلاحات وسبل تقوية بناء الدولة والقضايا المتعلقة بانجاز التشريعات"، وأضاف: "عبّر المجتمعون عن دعمهم للخطوات العملية التي تحقق مصلحة الشعب العراقي في انجاز ما تمّ التصويت عليه بشأن الاصلاحات الحكومية والبرلمانية".
زاد البيان قائلاً: "أكد رئيس الوزراء على ضرورة أن تسير جميع الاصلاحات وتنفّذ وفق الدستور والقانون. كما تمت الاشادة بالعمليات العسكرية التي يقودها الجيش العراقي والأجهزة الأمنية وأبناء الحشد الشعبي والبيشمركة وأبناء العشائر في الأنبار وبيجي ومناطق متعددة من العراق".
وواصل البيان كلامه العمومي بالقول: "رأى المجتمعون أهمية انجاز التشريعات الأساسية ومنها قوانين الحرس الوطني والمحكمة الاتحادية والمصالحة الوطنية. كما أكد المجتمعون أن الجانب الاقتصادي والمالي يعتبر من أولويات الجهات التنفيذية والتشريعية التي يجري التركيز عليها في ملف الاصلاحات، مشددين على أن توفير الخدمات الضرورية للمواطن العراقي يقع ضمن الالتزامات الأساسية التي تسعى مؤسسات الدولة إلى تنفيذها".
ما الجديد في هذا الكلام؟.. ما المفيد؟ ما المنتج أو المثمر؟
لم أجد شيئاً يستحق أن نصفّق له.. مع هذا لا ضير في أن نقول لهم بعدما تجشّموا عناء الاجتماع: "يعطيكم العافية"!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ياسين عبد الحافظ

    لكن يبقى سؤال،هل صحيح ان ما ذكر هو ماجرى؟ الجواب الحتمى هو كلا ،ولهذا فهم سياسيون وبحكم ووصف مهنتهم ،لا بد انهم تكلموا بشىء ما ، وبجرده بسيطة ، انت تعلم والجميع، المزاج العراقي فى الشارع والبيت والفيسبوك،فلا يمكن لعراقيين اثنين ان يلتقيا دون طرح موضوع ال

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram