TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا لا نتصرّف كالسيسي ومحلب؟

لماذا لا نتصرّف كالسيسي ومحلب؟

نشر في: 8 سبتمبر, 2015: 09:01 م

غير مرة أعلن رئيس الحكومة السابق نوري المالكي أن لديه ملفات لو كشفها لانقلبت الدنيا على الرؤوس ولتهاوت رؤوس كبيرة، وأنه اذا ما جرت عملية الكشف هذه تحت قبّة مجلس النواب، الذي كان يستدعيه للاستجواب في قضايا مختلفة ويرفض هو الحضور، لتحوّلت قاعة المجلس إلى حلبة "بوكسات"، أي ملاكمة.
في تلك المرات كلها لم يشأ السيد المالكي أن يفصح عن طبيعة تلك الملفات وفحوى محتوياتها.. اكتفى بالتلميح، مع أنه، للاعتبارات السياسية والاخلاقية، كان مُلزماً بعرض الوقائع على الشعب. ولم يكن من الصعب الفهم من التلميح أن الملفات المقصودة تتعلق بقضايا إرهاب وقضايا فساد إداري ومالي من الوزن الثقيل، فهذان النوعان من القضايا هما وحدهما ما يُمكن أن يقلب الدنيا على الرؤوس ويجعل رؤوساً تتهاوى ويحوّل مبنى البرلمان إلى ميدان
ملاكمة.
الرأي العام العراقي كان يرغب في أن يكشف السيد المالكي عن محتوى ملفاته، ولم يكن ليأبه بانقلاب الدنيا على الرؤوس، ولا بتهاوي رؤوس داخل البرلمان أو خارجه، لأن العراقيين جميعاً يعرفون أن هذه الرؤوس بالذات هي سبب بلواه وصانعة محنته المزمنة.
لم يكن موقف المالكي صحيحاً، ولم يكن تصرفه في هذا الشأن تصرف رجل الدولة، والدليل أن الدنيا انقلبت على رؤوس العراقيين بأجمعهم باجتياح داعش الإرهابي وسيطرته لخمسة عشر شهراً حتى الآن على ثلث مساحة البلاد وصولاً إلى تخوم العاصمة، والدليل أيضاً أن الفساد الإداري والمالي نخر قلب الدولة وسائر أحشائها ووضعها على حافة الانهيار، وأجهز على أنبل القيم الاجتماعية.
منذ يومين كشِف في القاهرة عن قضية فساد إداري ومالي في وزارة الزراعة المصرية، المتورطون فيها الوزير وعشرات من أفراد بطانته ورجال الأعمال. لم يفكر الرئيس عبد الفتاح السيسي ولا رئيس حكومته ابراهيم محلب إلا بشي واحد هو استدعاء الوزير الى مكتب رئيس الوزراء لتقديم استقالته، وترك الأمر للسلطة القضائية التي سارع جهاز النيابة العامة فيها في الحال بإصدار الأوامر بالقاء القبض على الوزير وسائر المتهمين والشروع بالتحقيقات.
هذا هو السلوك الطبيعي لرجال الدولة الذين يحترمون أنفسهم ويحبون بلادهم وشعبهم، وهذا هو التصرف المعتاد في الدولة التي تحترم نفسها ولا ترغب في أن تكون في عداد الدول الموصوفة بالفاشلة.
لا شكّ عندي في أن السيد المالكي قد توفرت لديه على الدوام الملفات التي من شأنها قلب الدنيا على رؤوس مئات المتورطين في قضايا الإرهاب وقضايا الفساد الإداري والمالي، ولا شك عندي في أن خليفة المالكي، حيدر العبادي، قد ورث الكثير من تلك الملفات.. والخشية أن يتصرف السيد العبادي بالطريقة التي تصرف بها السيد المالكي (لم يقدّم حتى الان اي وزير أو نائب فاسد الى القضاء، عدا بهاء الاعرجي الذي خضع لارادة زعيمه مقتدى الصدر وليس لارادة رئيس الحكومة)، وهي طريقة عبثية غير مسؤولة، بالرغم من أنها تسترت برداء المسؤولية حيال العملية السياسية ومستقبلها.. ما أبأسها من عملية سياسية وما أتعسه من مصير!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    صدقني ياسيدي لو كان العبادي نزيها وغير متهما بالفساد لقدم كل الملفات التي بحوزته الى القضاء ولكن هذا الرجل حمله مثقل بالفساد منذ كان وزيرا للاتصالات ورئيسا للجنة المالية البرلمانية وحتى لو تجرا هل يستطيع الوقوف بوجه مقتدى وعمار من المستحيل ان يكون بتلك ا

  2. سمير طبلة

    ما أبأسها من عملية سياسية وما أتعسه من مصير! و... عليكم السلام!!!!!!!!!!!!

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram