اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صرخة في واد سحيق

صرخة في واد سحيق

نشر في: 20 سبتمبر, 2015: 09:01 م

هي دعوة طيبة ولا شك، لتشجيع الشباب على الابتكار والانخراط في مواجهة واحد من الخطرين الأعظم اللذين نواجههما الآن، هو خطر الإرهاب الذي يفتك بأرواحنا.. الخطر الآخر هو بالطبع الفساد الإداري والمالي الذي يبطش بصحتنا وتعليمنا وتنميتنا وحقنا في العمل والسكن، ويُعين الارهاب في الفتك بأرواحنا وممتلكاتنا.
ما أعنيه الدعوة التي أطلقها رئيس الوزراء السبت في مؤتمر منظمة (TEDx) ببغداد، مشجعاً إياهم على تقديم الافكار الجديدة النافعة للمجتمع. السيد العبادي حضّ الشباب على وجه الخصوص على "تطوير الأفكار لمواجهة مشكلة الكشف عن المتفجرات"، مشيراً إلى ان الأجهزة من هذا النوع المتوفرة الآن "عالية التكلفة ولا يمكن نشرها في كل مكان"، بعدما أصبحنا دولة لا تقوى على تأمين قوت عيالها.. الكلمات الأخيرة لم يقلها بلسانه، لكنه لابدّ أن يكون قد فكّر بها مثل سائر الذين استمعوا إلى خطابه في المؤتمر.
النوايا الطيبة وحدها لا تحقق شيئاً، ودعوة السيد العبادي ليس في وسعها بلوغ غايتها من دون أن تحقق الشروط اللازمة.
أهم هذه الشروط البيئة المناسبة للإبداع والابتكار.. لنترك الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية جانباً، مع انها مؤثرة للغاية.. أين المختبرات والورش التي يستطيع الشباب اختبار أفكارهم فيها؟ وأين المعامل التي ستنتج الأجهزة المطلوبة؟ ومن أين للشباب العاطل عن العمل والقابع تحت خطوط الفقر والحرمان والبؤس واليأس وفقدان الأمل أن يتفرغ للتفكير والتدبير؟
الفساد الإداري والمالي الذي اكتسحنا على مدى عشر سنين متصلة على النحو الذي يضرب فيه التسونامي الخلجان والشطآن، برضا وقبول أعلى المراجع في الدولة والطبقة السياسية المتنفذة، أو في أفضل الأحوال، غضّ النظر من جانبهم.. هذا الفساد لم يتسبب فقط في عقد صفقات اشتريت بموجبها بعشرات الملايين من الدولارات أجهزة الكشف عن كرات الغولف على أنها للكشف عن المتفجرات، بل زاد على ذلك بسرقة مليارات الدولارت في المئات من الصفقات المثيلة والمشاريع الوهمية، فلم يبق للدولة المستحوذة على كل شيء ما تستطيع به تأمين لقمة الخبز ناهيكم عن عن أجهزة الكشف عن المتفجرات. فمن يدفع للشباب مستحقاتهم إن هم نجحوا في تحويل أفكارهم الى أجهزة تكشف عن المتفجرات بحق وحقيق؟
لا شيء يتحقق بالنوايا الطيبة وحدها.. ودعوة السيد العبادي ستظل صرخة خفيفة في واد سحيق، إن هو لم يعزم ويحزم في أمر الإصلاحات التي اقترحها ووعد بتنفيذها. وأول الاصلاحات المطلوبة فتح جبهة حرب حقيقية مع الفساد ابتداءً برؤوسه الكبيرة المتنفذة في الدولة. والأول مكرر من الإصلاحات المطلوبة، شنّ حرب مماثلة على نظام المحاصصة، حاضنة الفساد الإداري والمالي ومفرخة الفاسدين والمفسدين.
بهذا فقط سيمكن للسيد العبادي اجتذاب الشباب وسواهم للإبداع والابتكار في مجال أجهزة الكشف عن المتفجرات وسائر المجالات المتصلة بمكافحة الارهاب ومواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي لا عدّ لها ولا حصر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. د عادل على

    من تاسيس الدولة العراقيه والى 8 شباط 1963 كانت الرشوة والفساد كلمتان اجنبيتان ولم تكن موجودتين فى القاموس العراقى او بالاحرى كانتا نادرتين ا -----من استلم الحكم فى العراق فى 8 شباط 1963؟؟؟كلنا نعرف ان البعث سيطر على كل الدوائر والمؤسسات الحكوميه وغير

  2. بغداد

    عندما قرأت مقالك يا استاذ عدنان الذي اشرت ما قاله العبادي للشباب عن بذل جهودهم لأكتشاف اجهزة تكشف المتفجرات وهو يعلل السبب لأن خزينة العراق المالية ما تتحمل شراء اجهزة متفجرات لغلاء ثمنها؟ هههههههههههه نفس ما قالته ماري انطوانيت للشعب الفرنسي بابة ماكو خ

  3. ناظم حكمت

    تحياتي لك استاذي العزيز سأبتدئ من عبارتك أين المختبرات والورش التي يستطيع الشباب اختبار أفكارهم فيها؟ لأضيف وهل نمتلك البنية التحتية للاختراع والبحث العلمي ؟ الجواب بالتأكيد كلا. البنية التحتية للبحث العلمي تشمل بالإضافة الى المختبرات والورش والمكتبا

  4. نبيل يونس دمان

    اذا لم يخرج العبادي من عباءة الدين( اقصد المسيس) فلا امل يرتجى وهذا يشمل من يخلف العبادي مستقبلا.

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram