اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لعب بالنار

لعب بالنار

نشر في: 13 أكتوبر, 2015: 09:01 م

حتى في الدول المتقدمة، المتحضرة، والعريقة في أنظمتها الديمقراطية وممارسة حرية التعبير، يحصل أن تخرج الاحتجاجات العامة (المظاهرات) عن سلميتها فتشهد أعمال عنف يُشعل فتيل اندلاعها بعض المحتجين أنفسهم أو عناصر أمنية من القوات المكلفة تأمين المظاهرات وحماية المتظاهرين وسواهم والممتلكات العامة والخاصة.
باستثناء حالات محدودة للغاية، سجّل الحراك الشعبي الاحتجاجي، المتواصل أسبوعياً منذ 31 تموز الماضي (11 أسبوعاً)، لنفسه فخر التزام السلمية التامة. المتظاهرون كانوا على الدوام منضبطين وفي غاية الودّ تجاه عناصر القوات الأمنية، فاكتسبوا تقدير هؤلاء واحترامهم إلى حدّ أن عناصر القوات الأمنية راحوا يقدمون الماء البارد بأنفسهم إلى المتظاهرين لإعانتهم على مواجهة حرّ الصيف اللاهب. حتى الخروقات المحدودة فان المبادرين بها كانوا في الغالب من العناصر الأمنية في بعض المحافظات، ممن خرجوا على التعليمات والأوامر الصادرة إليهم من قيادتهم العامة بالتزام السلمية. والمعطيات المتوفرة تفيد بأن مَنْ أقدموا، من المتظاهرين، على استفزاز العناصر الأمنية ومهاجمتهم كانوا في الغالب عناصر مندسة تعمل لحساب الفاسدين في الدولة بغية إثارة صدامات بين المتظاهرين والقوات الأمنية، والغاية النهائية وقف الحركة الاحتجاجية المطالبة على نحو خاص بمكافحة الفساد الإداري والمالي، وتوفير الخدمات العامة، وإلغاء نظام المحاصصة، ومحاسبة المقصرين حيال سقوط ثلث مساحة البلاد في أيدي تنظيم داعش الإرهابي.
القوى المحرّكة للمندسّين في ساحات الاحتجاج، لم تكتف بذلك، فقد عمدت الى ملاحقة عدد من النشطاء البارزين.. اغتالت بعضهم وغيّبت البعض الآخر وأساءت معاملة سواهم، إهانة وضرباً وإرغاماً على توقيع تعهدات بعدم التظاهر. هي قوى لم تفصح عن نفسها، لكنها سعت لإعطاء الانطباع بأنها على صلة بأجهزة حكومية، وقد يكون البعض منها كذلك، فنظام المحاصصة فعّال ويسري تأثيره حتى داخل الأجهزة الأمنية.
الحملة المشينة ضد ناشطي الاحتجاجات متواصلة ومتصاعدة.. إنها في الواقع نوع من اللعب بالنار، فمن الواضح أنها لن تثمر نتيجة على صعيد وقف الحركة الاحتجاجية وتراجعها عن مطالبها بالإصلاح، خصوصاً بعدما أقرّت الحكومة ومعها مجلس النواب بالحاجة إلى الإصلاح ووعدا بتنفيذ خطط تفضي إليه، وبعدما وجدت الحركة الاحتجاجية تعضيداً قوياً من المرجعية الدينية في النجف.
حملة القمع التي تستهدف ناشطي المظاهرات يمكن لها، إن استمرت وتفاقمت، أن تدفع الحركة الاحتجاجية باتجاه الخروج عن سلميتها، فالضغط على البالون يؤدي في العادة إلى انفجاره، وإذا ما انفجرت الحركة الاحتجاجية فان عصف ريحها لن يسلم منه أحد.. يمكن له أن يكون مدمّراً على نحو مأساوي.
الحكومة بالذات تتحمل المسؤولية عن حماية مواطنيها وعن صون السلم الأهلي، وفي هذا الإطار مطلوب منها وضع حدّ لأعمال ملاحقة ناشطي المتظاهرين، والكشف عن هوياتهم وتقديمهم إلى القضاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram