TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أفكار بسعر الذهب

أفكار بسعر الذهب

نشر في: 18 أكتوبر, 2015: 06:01 م

أعجبني كثيراً الاقتراح الذي تقدّم به وزير الموارد المائية محسن الشمري بأن تتولى وزارته بنفسها تنظيم عملية كري الأنهر في البلاد والتعاقد مع مقاولين من القطاع الخاص للقيام بالعملية وبيع كميات الطمي الناجمة عن عملية الكري الى الناس لقاء مبالغ مالية.
وزارة الموارد المائية، إن تحقق لها ما اقترحته، ستضرب عصفورين بحجر واحد: حل مشكلة تراكم الطمي في الأنهار وتحسين جريان المياه فيها، وتعظيم مواردها المالية في وقت تحتاج إلى مثل هذه الموارد في مواجهة قلة تخصيصاتها، كما سائر الوزارات، في موازنة العام المقبل وربما الأعوام التالية أيضاً، فتجارة الطمي (الزميج) كانت على الدوام رائجة على نحو جيد في المدن.
بالطبع ثمة فوائد كثيرة أخرى تترتب على كري الانهار، منها تحسين النقل النهري وعمليات إرواء الاراضي ومكافحة الملوحة. كما أن الطمي ينفع في تحسين خصوبة الأرض الزراعية وتنشيط صناعة الفخاريات، وما إلى ذلك.
لكن أهم ما ينطوي عليه اقتراح وزير الموارد المالية، وهو أكثر ما أعجبني، أنه يفتح الأذهان على عدد غير محدود من الأفكار التي يمكن لها أن تبعث حياة جديدة في الاقتصاد الوطني في مواجهة "خيانة" النفط لنا بتدهور أسعاره وتراجع موارده التي شكّلت منذ خمسينيات القرن الماضي المصدر الوحيد تقريباً للموازنات السنوية للدولة.
بوسع سائر الوزراء والوكلاء والمدراء العامين استخدام رؤوسهم، كما فعل وزير الموارد المائية أو أحد موظفي وزارته، لاستنباط أفكار بنّاءة من شأنها معالجة مشكلة شح الموارد. لابدّ ان وزارة الزراعة يمكنها أن تجد لنفسها موارد مالية بتنفيذ مشاريع كثيرة على غرار مشروع كري الأنهار وبيع الطمي، وكذا الحال بالنسبة لوزارة الصناعة ووزارة الثقافة والسياحة والآثار ووزارة الصحة وسائر الوزارات والمصالح في الدولة.
لا يحتاج الأمر إلى تخصيصات مالية لا توفّرها الموازنة ولا الى "كتابنا وكتابكم" مع وزارة المالية أو رئاسة مجلس الوزراء أو مجلس النواب.. انه يحتاج فقط الى أن يتوجه الوزير أو الوكيل أو المدير العام إلى موظفي دائرته وعمالها بنداء لإعمال فكرهم وتقديم المقترحات المفيدة. ويمكن للوزير أو الوكيل أو المدير العام أن يكافئ أصحاب الأفكار والمشاريع مادياً ومعنوياً لتنظيم سباق من أجل تقديم الأفكار المرغوب فيها.
الحاجة أم الاختراع، ونحن الآن في أمسّ الحاجة الى أفكار واختراعات من قبيل فكرة كري الانهار وبيع الطمي. وبالتأكيد هناك آلاف الرؤوس في الدولة والمجتمع التي تختزن الواحدة منها فكرة واحدة في الأقل من هذا النوع الذي يعادل وزنه ذهباً وليس نفطاً.. والتجربة أكبر برهان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram