TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في التحية وردّها بين العبادي والمتظاهرين

في التحية وردّها بين العبادي والمتظاهرين

نشر في: 30 أكتوبر, 2015: 09:01 م

عين الصواب ما بادر به رئيس الوزراء حيدر العبادي، وعين الصواب ما ردّ به نشطاء الحركة الإحتجاجية – الإصلاحية على المبادرة.. والكلام المناهض للمبادرة ولردّ النشطاء عليها لا ينبغي الالتفات إليه، فهو صادر إما عمّن لا يريد الخير للبلاد وأهل البلاد، أو عمّن لا يفقه في السياسة والعمل السياسي ويتنطّع فحسب ولا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب، كما يقال.
مع حلول العام 2011 كان قد وصل إلى منتهاه نظام المحاصصة الطائفية والقومية الذي انشأته الطبقة السياسية الحاكمة بديلاً عن النظام الديمقراطي القائم على مبدأ المواطنة الذي نصّ عليه الدستور.. الشعب العراقي الذي تحدّى الإرهاب واستفتى على الدستور في نهاية 2005 هو مَنْ أعلن بكلمة هادرة نفاد صلاحية نظام المحاصصة الذي لم يكن صالحاً في أي وقت في ظروف العراق.. كان ذلك في شباط 2011 وما بعده، لكن الحكومة السابقة برئاسة نوري المالكي، مؤيدةً من سائر أطراف الطبقة الحاكمة، رأت أن تُبقي نظام المحاصصة مفروضاً على الناس برغم أنوفهم، لأن مصلحة الحكومة وطبقتها السياسية تقتضي ذلك، فاستخدمت القوة الغاشمة لقمع المتظاهرين المطالبين باصلاح العملية السياسة، بعدما فشلت في التضليل والتلفيق باتهامهم بأنهم مؤجّرون لصالح القاعدة وحزب البعث.
مع ذلك أعلنت تلك الحكومة لاحقاً أنها ستحقق للمتظاهرين مطالبهم "المشروعة"، لكن الذي حصل كان بخلاف ذلك تماماً، فالمحاصصة تعمّقت وراح البعض من أعضاء الطبقة الحاكمة يتحدث عن أن هذا النظام "صار أمراً واقعاً"، والفساد الإداري والمالي تصاعدت مستوياته على نحو مهول، ما أدى إلى انهيار نظام الخدمات العامة وخواء خزينة الدولة، والأسوأ أن الإرهابيين تمكنوا من احتلال ثلث مساحة البلاد وإقامة دولتهم عليه، مع ما رافق ذلك من فواجع ومآس بنزوح الملايين من مناطقهم وقتل الآلاف وأسر وسبي آلاف آخرين، من مختلف القوميات والأديان والطوائف.
كان المنتظر أن تقرّ الطبقة الحاكمة بفشل دولتها ونظامها السياسي، وأن تعود إلى الدولة والنظام السياسي اللذين رسمهما الدستور.. لكن هذا لم يحصل فالحكومة التي تشكّلت بعد انتخابات 2014 جاءت في صورة سابقاتها، فيما ظلّت الدولة وكل ما فيها يقوم على المحاصصة اللعينة، وغدت الأمور أسوأ مما كانت عليه من قبل، ما دفع الناس الى الإنفجار من جديد في ساحات التحرير منذ ثلاثة أشهر.
لم ينزل المتظاهرون إلى ساحات التحرير من أجل النزهة.. لديهم مطالب وأهداف وغايات محددة، جوهرها القطيعة النهائية مع نظام المحاصصة، مصدر كل ما نعيشه من شرور ومحن وسوءات ومباذل. وبخلاف الحكومة السابقة أظهرت الحكومة الحالية، ومعها مجلس النواب، تفهماً لمطالب المتظاهرين وأقرّت بأحقيتها وتقدّمت بخطة للإصلاح.. لكن لم يشعر المتظاهرون، وسائر الناس، بأن الطبقة السياسية الحاكمة جادة في تحقيق الإصلاح، بل ان معظم الدلائل تشير إلى أن هذه الطبقة تعمل بالضد مما يريده المتظاهرون ومما تعهّد به رئيس الحكومة.. المنطقي أن يواصل المتظاهرون حراكهم وأن يتصلوا بكل مَنْ يمكنه دعم الحراك ومطالبه. والمنطقي أن يتجاوب المتظاهرون مع أي مسعى لتحقيق مطالبهم. في هذا الإطار ينبغي فهم لقاءات نشطاء المتظاهرين مع المرجعيات الدينية في النجف ومع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وأخيراً مع رئيس الحكومة، فلا شيء يشين النشطاء عما يفعلونه لتوسيع دائرة المتفهمين لمطالبهم والمؤيدين لحراكهم.. بل المطلوب الآن أن يوسّع النشطاء دائرة علاقاتهم واتصالاتهم ومواصلة حركتهم الاحتجاجية - الإصلاحية حتى تحقيق الإصلاح المطلوب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram