TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الإصلاح ورعيان القنافذ

الإصلاح ورعيان القنافذ

نشر في: 6 نوفمبر, 2015: 09:01 م

نعم بالضبط وبالتأكيد، هذا هو الحاصل .. مجلس النواب، بأغلبيته الساحقة، يناهض عملية الإصلاح التي طالبت بها حركة الاحتجاجات الشعبية وتبنّت الحكومة بعضاً منها، فبعدما اتخذ المجلس موقفاً منافقاً مؤيداً، راح يتراجع ويقوم بعملية التفاف حول الخطوات الإصلاحية التي تعهّدت بها الحكومة وأظهر المجلس إجماعاً غير مسبوق على تأييدها! بل اقترح هو خطوات أخرى موازية، متخذاً للتراجع هذه المرة ذريعة "التزام المسار الدستوري".
نعم هذه هي الحقيقة التي غدت مكشوفة للجميع وسلّط الضوء عليها أمس خطيب الجمعة في كربلاء، ممثل المرجعية الدينية العليا في النجف الذي وجّه اتهاماً مباشراً إلى مجلس النواب بالتنصّل من عملية الإصلاح.
عملية الإصلاح المطلوبة والمطروحة تعني أول ما تعني مكافحة الفساد وشنّ حرب شعواء على الفاسدين الذين أفقروا الدولة والمجتمع على نحو مروّع، وعملية الإصلاح تعني في ما تعني أيضاً إلغاء نظام المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية واعتماد مبدأ الكفاءة والخبرة والنزاهة في تسلم المواقع والوظائف الرسمية. بالمناسبة نظام المحاصصة هو نفسه خروج سافر على المسار الدستوري، ويوم وضعته الطبقة السياسية المتنفذة موضع التنفيذ، بدلاً من الدستور، قالت أنه سيعتمد لدورة برلمانية واحدة فقط، وها قد أصبح هو الدستور المعتمد كـ "أمر واقع" بدلاً من الدستور المستفتى عليه في العام 2005.
عملية الإصلاح، بالمواصفات أعلاه، لا يمكن لأغلب أعضاء مجلس النواب وعموم أفراد الطبقة السياسية المتنفذة في السلطة، إلا أن يناهضوها، ببساطة لأنها بالضد تماماً من مصالحهم الشخصية ومصالح أحزابهم وكتلهم وائتلافاتهم. 80 في المئة في الأقل من أعضاء مجلس النواب وأفراد الطبقة المتنفذة ما كان يمكن أن يكونوا على ما هم عليه اليوم من سلطة ونفوذ ومال لولا نظام المحاصصة ولولا الاحترام الذي ظلت تبديه الدولة للفساد والفاسدين والمفسدين .. من دون ذلك كانوا سيبقون كما كانوا من قبل، وما كانوه أنهم "يسرحون بالقنافذ" .. نعم هذه هي الحقيقة... بالشهادات المزوّرة وبالتديّن الزائف والاندساس في الأحزاب الإسلامية (الشيعية والسنية سواء بسواء) المتنافسة بضراوة على كسب الأصوات في الانتخابات، استطاع المئات من فلول نظام صدام وحزبه ومن شذّاذ الآفاق من أرباب السوابق الإجرامية ارتقاء مناصب عليا ومتوسطة في الدولة، بما فيها عضوية مجلس النواب والحكومة والهيئات المستقلة على مدى السنين الاثنتي عشرة الماضية، وهؤلاء جمعوا من حولهم بطانات من جنسهم الفاسد.
فكيف إذن، بعد كل هذا، نريد لهؤلاء أن يقبلوا بالإصلاح وأن يرعوا العملية الإصلاحية وأن يشرّعوا القوانين اللازمة لتنفيذها وأن ينفّذوها على خير ما يكون التنفيذ؟ .. كيف يمكن أن يكونوا بالضد من مصالحهم الشخصية ومصالح أحزابهم وكتلهم وائتلافاتهم؟
خطاب المرجعية أمس يعكس تبرّماً حيال أحابيل الطبقة السياسية المتنفذة .. نشطاء الحركة الاحتجاجية – الإصلاحية عليهم منذ الآن أن يفكّروا بوسائل وأساليب أكثر فعالية لتصعيد هذه الحركة والدفع بها إلى مستوى أعلى، بما في ذلك الاعتصام الوقتي أو المتواصل. لا ينبغي الانتظار أكثر ولا حصر الحركة في ساحات التحرير ويوم الجمعة فحسب... لابدّ من رسالة أقوى وأبلغ إلى رعيان القنافذ المراهنين على موت الحركة الاحتجاجية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram