TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فساد آخر.. إعلامي

فساد آخر.. إعلامي

نشر في: 9 نوفمبر, 2015: 09:01 م

من تقاليد العمل الصحفي، والإعلامي عامة، في بريطانيا أن تنقل الصحف في طبعاتها الثانية أخباراً وقصصاً أخبارية منقولة عن الصحف الأخرى، وهي عادة أخبار ذات أهمية كبيرة للجمهور انفردت بها الصحيفة الأولى وحققت لنفسها سبقاً صحفياً. الغارديان مثلاً تنشر في طبعتها الثانية الخاصة بلندن والمناطق القريبة خبراً أو ملخّصاً لحوار منشور في الطبعة الأولى للتايمز أو التليغراف، وبالعكس.
ومثل هذا يحصل في قنوات التلفزيون ومحطات الإذاعة. والقاعدة التي ترتكن إليها إعادة النشر والبثّ هي حق الجمهور في المعرفة، وإذا كانت وسيلة إعلامية قد نشرت أو بثّت معلومات تهمّ الجمهور وتحقق له منفعة مادية أو معنوية، يمكن لوسيلة إعلامية أخرى إعادة النشر أو البث مع التقيّد الكامل بقواعد مهنة الإعلام وأخلاقياتها، وهذه القواعد والأخلاقيات تفرض على الوسيلة الإعلامية الناقلة ذكر المصدر على نحو واضح، وعدم التحريف في المنقول مما هو منشور أو مبثوث، وعدم الاجتزاء المخلّ الذي يعطي إدراكاً أو انطباعاً يخالف ما قصده أو ابتغاه المصدر الأصلي للمعلومات.
هذا الكلام مناسبته الخرق الفاضح لقواعد المهنة وأخلاقها، الذي مارسته مواقع إلكترونية ووكالات أخبارية محلية حيال ما نشرته "المدى"، الوكالة والصحيفة والقناة التلفزيونية، بشأن عمليات تهريب العملة وغسل الأموال التي شخّصتها اللجنة المالية في مجلس النواب وحصلت عليها "المدى" من رئيس اللجنة النائب الراحل أحمد الجلبي قبيل وفاته. هذه المواقع والوكالات عدا عن أنها لم تكلّف نفسها الإشارة، مجرد الإشارة للمصدر (المدى)، فإن البعض منها نسبها إلى نفسه فبدا الأمر كما لو أنّ الراحل الجلبي قد خصّه بها.
المؤسف أن هذه ممارسة روتينية في حياتنا الإعلامية، تجري على مدار الساعة، كما هي ممارسة روتينية نشر المعلومات الملفّقة وغير المدقّقة، وبينها الكثير من المعلومات التي تلحق أضراراً جسيمة بالمجتمع والدولة، كتلك التي تؤجّج النعرات الطائفية والقومية والسياسية والحزبية.
الكذب ليس إعلاماً. إنه فعل يعكس فقدان الوازع الأخلاقي، وهو يشبه فعل السرقة، وسرقة الأخبار والمعلومات وسائر أشكال وأنواع السرقات الأدبية والفكرية لا تفرّق في شيء عن سرقة الأموال العامة أو الخاصة. وإذا كان سارق الأموال العامة أو الخاصة بأي صورة وشكل، يوصف بأنه فاسد، فإن السرقات الأدبية والفكرية هي الأخرى شكل من أشكال الفساد، والقائمون بها فاسدون بامتياز. هل سيتورّع سارق الأخبار والأفكار عن سرقة الأموال إذا ما تسنّى له ذلك؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram