TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كيف حصل "الفرهود" الجديد؟

كيف حصل "الفرهود" الجديد؟

نشر في: 10 نوفمبر, 2015: 06:01 م

"تتركون الأمور الكبيرة وتتمسّكون بالصغير منها." .. هذا ما كان يقوله الراحل أحمد الجلبي في اللقاءات معه التي غالباً ما كان الكلام والنقاش يتطرقان إلى، ثم يتمحوران حول، رواتب أعضاء مجلس النواب وسائر الموظفين الكبار في هيئات الدولة ودوائرها العليا.
الأمور الكبيرة بالنسبة للجلبي هي مئات مليارات الدولارات من أموال الدولة العراقية التي اختفى كلّ أثر لها منذ العام 2003.. كان الجلبي يؤكد أن عشرات المليارات قد جرى السطو عليها من صندوق تنمية العراق أثناء فترة الاحتلال الأميركي، فيما مئات المليارات سُرقت بعد ذلك تحت سمع وبصر الحكومات العراقية بتسهيلات منها، ومئات المليارات هذه توزعت الى أموال مهرّبة ومغسولة ومبتاعة من مزاد العملة الذي ينظّمه البنك المركزي يومياً، فضلاً عن أموال استحوذ عليها مقاولون وأصحاب شركات حقيقية أو وهمية غشّاشون تعاقدوا على مشاريع وقبضوا ما يزيد على نصف كلفتها التخمينية فيما لم ينجزوا منها حتى 20 بالمئة، وبعضهم لم يُنجز شيئاً على الإطلاق .. تُضاف إلى هذا أموال "الكوميشن" التي قبضها وزراء ووكالاء وزارات ورؤساء مؤسسات ومدراء عامون وأعضاء مجالس هيئات "مستقلة" وقضاة، عن تلزيم مقاولات واستيراد سلع أو التوسط لدى نافذين كبار في الدولة أو التستر على غش، وسوى ذلك من معاملات سرية غير قانونية.
الراحل الجلبي كان يقول، مثلاً، أنه مهما جرى تقليص رواتب أعضاء مجلس النواب والرئاسات والدوائر التابعة لها فإن ذلك لن يوفّر لخزينة الدولة أكثر من بضع عشرات من ملايين الدولارات، فيما مئات المليارات لا أحد يهتمّ بها ولا يقتفي آثارها، ولا يسأل الحكومات المتعاقبة عما فعلته بعائدات النفط ( الحكومات لم تكن تقدّم حسابات ختامية للموازنة السابقة مع كل موازنة جديدة بحسب ما تقضي أحكام الدستور).
"ملفّات الجلبي" التي نشرتها "المدى" في الأيام الثلاثة الماضية، وهي الخاصة بالفساد الإداري والمالي، وبخاصة عمليات تهريب العملة الأجنبية المأخوذة من البنك المركزي، لا تمثّل إلا قمة جبل الجليد، فـ "ملفّات الجلبي" الكاملة تتضمن معلومات صاعقة عن حجم النهب المريع الذي تعرّض له المال العام على مدى ما يزيد على عشر سنوات، ويتواصل حتى اليوم.
ما كان يقوله الراحل الجلبي لم يكن أمراً غير معروف، فالرجل تحدّث عن ذلك عشرات المرات، وفعل الشيء نفسه سياسيون آخرون، بل إن رؤساء الحكومات والبرلمان أقروا علناً بتفشّي ظاهرة الفساد الإداري والمالي على نحو خطير، وفي أواخر نيسان الماضي على سبيل المثال كشف مقرر اللجنة المالية في البرلمان أحمد الحاج رشيد عن أنّ العراق باع من النفط بين عامي 2006 و 2014 ما قيمته 551 مليار دولار، وأنه تم تسريب إلى خارج البلاد -بشكل غير قانوني - ما قيمته 312 مليار دولار تحت عناوين الحوالات التجارية وشراء معدّات .
السؤال الآن: أين كانت الدولة وكبار مسؤوليها عن عمليات "الفرهود" هذه؟ هل كانت لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بهذه العمليات؟.. رؤساء الوزراء السابقون ونوابهم ورؤساء مجلس النواب السابقون ونوابهم ومحافظا البنك المركزي السابقان والمحافظ الحالي ورؤساء هيئات النزاهة ورؤساء وأعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب، هؤلاء جميعاً يتعيّن عليهم أن يقولوا للشعب كيف حدثت عمليات النهب لأمواله؟ هل كانوا على علم أم لم يعلموا؟ وكيف ولماذا لم يعلموا؟ .. هذه مئات مليارات الدولارات وليس بضعة ملايين!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 8

  1. ابو سجاد

    سيد عدنان اين كان الجلبي من كل تلك السرقات والمسالة ليست وليدة اللحظة بل انها من تاريخ سقوط النظام الدكتاتوري في عام 2003 الى يومنا هذا وكان الرجل في السلطة ولم يغادرها فلماذا لم يكشف هذه الملفات قبل المغادرة هل كان الرجل جبانا لهذه الدرجة اام كان يجامل

  2. رمزي الحيدر

    هل سمعت في حياتك أن حرامي حاكم حرامي.!!!؟.

  3. Muozhr

    السلام عليكم انا حقيقة استغرب من هولاء السياسين أنهم يعملون البخيل الذي يجمع المال لا هو يستمتع به ولا أهله وعندما يرحل ياخذه الورثة ولا يذكرون البخيل بخير لماذا لم يكشف هذا في حياته . شكرا

  4. بغدادي

    لماذا هذا التركيز على(أين كان الجلبي)أيهما افضل السكوت عن الخطأ أوفضحه...لقد قتلوه لانه تكلم!! وهو يعرف ذلك وقد أبلغ بعض المقربين منه بأنهم سيقتلونه...كم هو عدد المسئولين الذين يعرفون الكثيرمن الفساد والمفسدين وهم ساكتون؟؟؟؟

  5. ابو سجاد

    سيد عدنان اين كان الجلبي من كل تلك السرقات والمسالة ليست وليدة اللحظة بل انها من تاريخ سقوط النظام الدكتاتوري في عام 2003 الى يومنا هذا وكان الرجل في السلطة ولم يغادرها فلماذا لم يكشف هذه الملفات قبل المغادرة هل كان الرجل جبانا لهذه الدرجة اام كان يجامل

  6. رمزي الحيدر

    هل سمعت في حياتك أن حرامي حاكم حرامي.!!!؟.

  7. Muozhr

    السلام عليكم انا حقيقة استغرب من هولاء السياسين أنهم يعملون البخيل الذي يجمع المال لا هو يستمتع به ولا أهله وعندما يرحل ياخذه الورثة ولا يذكرون البخيل بخير لماذا لم يكشف هذا في حياته . شكرا

  8. بغدادي

    لماذا هذا التركيز على(أين كان الجلبي)أيهما افضل السكوت عن الخطأ أوفضحه...لقد قتلوه لانه تكلم!! وهو يعرف ذلك وقد أبلغ بعض المقربين منه بأنهم سيقتلونه...كم هو عدد المسئولين الذين يعرفون الكثيرمن الفساد والمفسدين وهم ساكتون؟؟؟؟

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram