TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مقاطعة السلع التركيّة والإيرانيّة

مقاطعة السلع التركيّة والإيرانيّة

نشر في: 6 ديسمبر, 2015: 09:01 م

أنا أيضاً تحدوني الرغبة العارمة في مقاطعة البضائع التركية والإيرانية سواء بسواء .. لكن دوافعي وأهدافي تختلف تماماً عن دوافع وأهداف الطائفي الشيعي الذي يرفع الآن صوته عالياً بمقاطعة البضائع التركية عقاباً لأنقرة على اختراق قواتها المسلحة حدودنا من دون استئذان، وهي تختلف أيضاً عن دوافع وأهداف الطائفي السنّي الذي يهتف الآن بإغلاق الحدود في وجه البضائع الإيرانية عقاباً لطهران على اجتياح نصف مليون من سكانها هذه الحدود عنوةً في زيارة الأربعين الأخيرة، وعلى نفوذها السياسي والعسكري المتنامي في البلاد.
والغاية الكامنة وراء رغبتي الجامحة في مقاطعة السلع التركية والإيرانية، ومعها الصينية كذلك، ليس فقط بسبب نوعياتها الرديئة، وإنما في المقام الأول في سبيل أن نُعيد الحياة إلى زراعتنا التي تعاني سكرات الموت وصناعتنا العاطلة، فالحاجة أُمّ الاختراع، وحاجتنا إلى ما نأكل ونلبس ونركب، وسوى ذلك، ستدفعنا، مع المقاطعة، إلى استنهاض طاقاتنا وقدراتنا الذاتية واستصلاح وفلاحة أراضينا الشاسعة، وحسن إدارة مياهنا الوفيرة، وتعمير المكائن في مصانعنا وبعث الحركة في دواليبها من جديد.
مثل سائر العقلاء في هذي البلاد، أًدرك بالطبع أنّ المقاطعة التامة الشاملة هو شعار صبياني، فضلاً عن أنه غير عملي، لذا فإنني أتطلّع في الواقع إلى مقاطعة جزئية .. نحن نستورد الآن ما قيمته 65 مليار دولار سنوياً، وخفض هذه القيمة بنسبة 50 بالمئة مثلاَ كفيل بتوفير ما يزيد على 30 مليار دولار، وهذا وحده يكفي في غضون 3 إلى 5 سنوات لإحداث ثورتين مدوّيتين في مجالي الزراعة والصناعة .. بشرط ألّا تمتد أيدي الفَسَدة ولو إلى دولار من هذا المبلغ، لأنّ السماح بسرقة هذا الدولار سيعني سرقة الدولارات كلّها.
مقاطعة السلع الإيرانية والتركية أو الإيرانية وحدها أو التركية وحدها، وهي في الغالب من السلع الأساس، وفي مقدمها الأغذية، ستعني شحّ هذه السلع في أسواقنا، والشحّ يقود إلى ارتفاع الأسعار بنحو جنوني (في زيارة الأربعين الأخيرة على سبيل المثال ارتفت الأسعار بما لا يقل عن 50 بالمئة ،لأن حركة البيع بالجملة توقفت لنحو أسبوع) .. وارتفاع أسعار السلع الأساس سيعني زيادة فقر الفقراء ومضاعفة معاناتهم، وهم الأغلبية الساحقة من سكان البلاد، الشيعة والسنّة سواء بسواء.
الشعار السليم في ظنّي هو الذي سيدعو لتخفيض قيمة مستورداتنا من مختلف بلدان العالم إلى النصف وتوجيه النصف الآخر نحو الزراعة والصناعة، فبهذا يمكننا تأمين ما نأكل من إنتاج أرضنا وما نلبس ونركب من صنع أيدينا، وهذا سيحرّرنا من ربقة عبوديتنا للنفط .. بل هو سيجعل منّا دولة قويّة بحدود منيعة لن يجرؤ الأتراك ولا الإيرانيون ولا داعش ولا سواهم على عبورهذه الحدود من دون الحصول مسبقاً على تأشيرة الدخول الرسمية مدفوعة الرسم: فيزا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram