مقومات الدولة التي لا يختلف عليها أحد: الشعب وهم الافراد او الناس، والإقليم وهو الأرض، ثم السلطة التي تدير الشعب. مصيبتنا الكبرى ان السلطة في بلداننا العربية والإسلامية جميعا تعتبر كل شيء في الدولة ملكها واولها الإنسان. الحقيقة هي ان الانسان ركن من اركان الدولة وليس من ممتلكاتها. من هنا ارتبك مفهوم السيادة بحجة مبدأ "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول". هذا المبدأ استغلته حكوماتنا لتلعب بالإنسان شاطي باطي: تسجنه، تعدمه، تحتقره، تلعن سلفة سلفاه، ولا نظام عالميا او إقليميا يقف بوجهها. دولنا الجائرة والمتخلفة حين ترى ان من حقها قطع شجرة مثلا ولا تمتلك أية دولة حق منعها، تراها تقطع رقبة الإنسان الذي هو أساس تكوينها تحت نفس الذريعة: شأن داخلي.
ان تختار الدولة لونا لباص نقل الركاب او لخطوطها الجوية او تعمّر حديقة، فذلك شأن داخلي لا يجوز التدخل به. لكن ان تتصرف بالإنسان وكأنه ملك الخلّفوها فتلك إشكالية مدمرة تقف وراء كل هذه الحرائق والمذابح والتهجيرات والمجاعات التي ترونها في الدول العربية. وان لم يتم حلها بقرار تأديبي أممي تتبناه الامم المتحدة تحت بند جديد يفوق البند السابع قوة وتأـثيرا، سيظل الانسان العربي او المسلم امام سلطة دولته كأي سلعة تبيعها او وترميها أينما تشاء وفي أي وقت تشاء.
القرار الاممي المطلوب في هذا الزمن الجديد بمآسيه ومصائبه هو استثناء الانسان من مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وان تعرف الحكومات الشمولية والمتخلفة بانها ستسقط بقوة السلاح لو انها انتهكت حرمة وخصوصية الانسان الذي تدير شؤونه. هنا يصبح دور الحاكم هو حماية المواطن وتوفير مستلزمات حياته الكريمة مقابل أجر مجز. ويكون الحاكم مسؤولا امام منظمة جديدة ذات اسنان وقنبلة ذرية هدفها حماية الإنسانية من الانقراض.
قد أبدو في طرحي هذا طوباويا، او أشمر بعيدا كما يقولون. كلا، فهناك تجارب واقعية مقاربة لما اطرحه. خذوا الاتحاد الأوروبي مثالا. فالمواطن في أية دولة اوربية إذا شعر انه تعرض للظلم من حكومته، فمن حقه ان يشتكي لدى محكمة حقوق الانسان الاوروبية. ومثلما له ممثل في برلمان دولته يلجأ له عند الشدة، له ممثل آخر في الاتحاد الأوروبي يلوذ به من ظلم ذوي القربى.
قال شأن داخلي قال.
الإنسان ليس شأناً داخلياً
[post-views]
نشر في: 10 يناير, 2016: 09:01 م