TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تغيير الرئاسات الثلاث، مثل حكومة التكنوقراط، لا يُبدِّل من طبيعة النظام !

تغيير الرئاسات الثلاث، مثل حكومة التكنوقراط، لا يُبدِّل من طبيعة النظام !

نشر في: 22 مايو, 2016: 06:57 م

يبدو أنَّ الغشاوة على عيون بعض دعاة الإصلاح، قد خَدّرت وعيَهم وغيّبتْ عن إدراكهم السياسي أنّ المطالبة الملحّة بتشكيل  كابينة وزارية من التكنوقراط المستقلين كانت بقصدٍ، أو بعفو الخاطر، لإبعادهم عن الأهداف الحقيقية المُلحّة والمباشرة للإصلاح .
وقد تبيّن بعد حادثة اقتحام البرلمان كما الاعتصام فيه، أنّ حكومة تكنوقراط مستقلّة وعالية الكفاءة والنزاهة وبياض اليد ونقاء الضمير، عاجزة عن معالجة الخرائب والآفات ومظاهر التخلّف والانحطاط وتدهور الأوضاع الأمنية والفساد المستشري في ظل النظام السياسي المبني على المحاصصة الطائفية ونهب ثروات البلد، فالحكومة، أيّ حكومة، مهما كانت قوية فإنها تصطدم لا محالة بالآليات "الديمقراطية البرلمانية "القائمة في كل قرارٍ جذريٍّ تتخذه ويمسّ أُسس النظام وقاعدته الدستورية.
ولو لم يكن الأمر كذلك لما أدّى تعطّل البرلمان نتيجة اقتحامه إلى شلّ الحكومة التي ينطبق عليها المثل الشعبي "لا حِظَتْ بِرجيله ولا خَذَتْ سيد علي"! فالعبادي إذ مرّر خمسة مرشحين من مُغلّفه المُغلق في البرلمان لم يحضَ بضمّ الوزراء الجدد بسبب عدم أدائهم اليمين أمام البرلمان، مما دفعه إلى توزيع وزاراتهم بالوكالة على نفسه وآخرين لإكمال النصاب.
وفي كلّ إجراءٍ إصلاحيٍّ يُصبح لزاماً على الحكومة تقديم مشروعٍ مُسبّبٍ إلى البرلمان لمناقشته وإقراره، وهذا يعني العودة إلى كواليس قادة الكتل والتسويات التي "يتوافقون" عليها لتتّضح فعالية هذا السياق المحاصصي وقدرته على تعطيل مشاريع حكومة "التكنوقراط المستقلّة" أيّاً كانت طبيعتها، وانتفاضة الشارع الغاضب لن تقود في مثل هذه الحالة وفي ظلّ تسيّد واستنفار الميليشيات المسلّحة إلّا إلى الانفلات الأمني وما لا تُحمد عقباه.
هذه الغشاوة وخدر الوعي والتباس الإدراك السياسي، كما يبدو، هي التي تقف وراء المطالبة بين فترة وأخرى بتغيير الرئاسات الثلاث. وهذا التغيير ممكن وليس عسير التحقيق، وحقّاً إنّها تحتاج إلى تغيير، لكنَّ البدائل ستأتي أيضاً من تحت معاطف المتحاصصين، أو في أحوالٍ أفضل، شكليّاً، من تحت بطانات المعاطف الخلفية!
وقد يقود استعصاء التوصّل لتسوية متوافق عليها إلى انتخابات مبكّرة ، قبل أنْ تنضج حواضن شعبية واعية ومُدركة للبديل المطلوب.
وعندها يظهر الفرق بين حساب الحقل وحساب البيدر...!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram