هل ان الدراما العراقية بحاجة الى لجان واجتماعات كي تتعافى وترتقي الى مستوى مثيلاتها العربية ؟ وهل كان التمويل والامكانات المالية هما السببان الوحيدان في تعثرها وإن كانا من أهم الأسباب ؟ نستطيع ان نجيب ان النوايا الطيبة لايمكن لها ان تنهض بالدراما العراقية، ولايمكن ان يكون عنصر التمويل هو السبب في نهوضها.
سبق وأن أشرنا الى ان مشاكل الدراما العراقية كثيرة ومتشعبة، والجلوس مع من يسهم في فتح باب التمويل، ليس كافيا ، هذا اذا أوفى هؤلاء بوعودهم. فالأمر أكبر من ذلك ، فهو بحاجة الى خارطة طريق متكاملة تشارك في رسمها إضافة الى أصحاب الاختصاص جهات كثيرة تخرج بورقة عمل تشخص ، وبعلمية ، الأسباب الكامنة لتأخر الدراما ووضع الحلول لهذه الاسباب.
ولأن الدراما التلفزيونية ، إلى جانب الرياضة ، أصبحت من الأجناس البرامجية التي تحقق نسب مشاهدة عالية وموارد إعلانية كبيرة ، فقد اكتسبت أهمية كبيرة بالنسبة للمحطات. وكان لتنامي البث الفضائي دور مهم في بروز تنافس شديد كان سبباً في الارتفاع الملحوظ في حجم البث والإقبال الدرامي لسد احتياجات البرمجة.
فما زالت الدراما المحلية تعاني أكثر من مشكل يحد من انطلاقتها ، ولعل النص الدرامي الذي هو حجر الزاوية في الدراما التلفزيونية يقف بوصفه العنصر الأهم المفتقد، وان كان ذلك لا يعني تجاهل أعمال درامية حظيت باهتمام من قبل الجمهور، اعتنت بهذا الجانب من الصنعة الدرامية.. ولأول مرة أصبحنا نتحدث عن كتّاب متخصصين في مجال الدراما التلفزيونية تتوافر في أعمالهم شروط كتابة دراما ناجحة، ونشير هنا إلى أسماء مثل حامد المالكي وباسم شبيب وضياء سالم وآخرين.
ولعل أهم عائق كان يقف في طريق انطلاق الدراما العراقية على مدى أكثر من ثلاثة عقود هو الرقابة وشروطها التعسفية، التي كانت بمثابة سيف ديمقلس المسلط على كل صنوف الإبداع، خاصة إذا ما عرفنا أن حرية التعبير هي أولى ملامح التفوق في الدراما التلفزيونية.
وفي السنوات العشر الأخيرة تخلّص كتّاب الدراما من مثل هذا العائق لكنهم لا شك وجدوا أنفسهم أمام رقابة أخرى فرضتها ظروف اجتماعية وسياسية جديدة تسهم بلا شك في تقييد حرية إبداعهم.
والعائق الآخر يتعلق بكتابتها (أي الدراما) وأعني به هنا كتابة السيناريو الذي ما زال يعاني نقصاً في الحرفية وعدم الإلمام بالشروط الأساسية للكتابة الدرامية.. وهو بالنتيجة فن لا يمكن أن يتعاطاه إلا أصحاب الموهبة.
من هنا ، ومع التطور الكمي في حجم الدراما المحلية لا بد من الوقوف عند عدد من العوامل التي من شأنها النهوض بالإنتاج الدرامي كماً ونوعاً، منها حشد الإمكانات البشرية والفنية للدخول في حومة المنافسة مع الإنتاج الدرامي العربي، خاصة مع تطور طاقة الإنتاج الدرامي في معقله الأساس مصر، الذي هو المصدر الأهم للمحطات العربية الأخرى من هذه المادة البرامجية، وأيضاً مع بروز أقطاب إنتاجية جديدة في عدد من البلدان مثل سوريا وبلدان الخليج العربي.. العامل الآخر المهم يتعلق بمنح التسهيلات من قبل الدولة لنشاط شركات الإنتاج الخاصة ووضع ضوابط لدخولها في عمليات شراكة مع القنوات الفضائية المحلية بما يسهم في رفع وتيرة إنتاجها كماً ونوعاً.
والأمر المهم الآخر يتعلق بالخطط التي تضعها الفضائيات المحلية والتي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الدور المتعاظم لهذا الجنس البرامجي في التأثير بوجدان المتلقي في أن تكون منتجاً وليس مستهلكاً فقط لهذا النوع من البرامج التي اكتسبت أهمية ملحوظة في عصر السماوات المفتوحة.
النيّة الطيّبة لا تعالج مشكلة الدراما
[post-views]
نشر في: 29 يونيو, 2016: 02:52 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...