ali.H@almadapaper.net
قبل سنوات اكتشفت وسائل الإعلام في سنغافورة ، أنّ هناك مجرماً يعيش بينهم لا يمكن طلب الغفران له ، وعليه أن يقدّم اعتذاره للشعب علناً،وقبل الاعتذار يقدّم استقالته من منصبه ، لأنّ بقاءه يضرّ بمصلحة الشعب ويسيء لسمعة سنغافورة أمام العالم، المجرم هو وزير التعليم وهو رجل كان يحظى بشعبية كبيرة بين أوساط الناس، لكنّ خبره الذي تصدّر كبرى الصحف وأصبح مادة دسمة للفضائيات جعله منبوذا عند الجميع.
حين سمعت بالخبر قبل قراءة تفاصيله تصورت أن الرجل سرق أموال الحصة التموينية للشعب السنغافوري "الفقير" مثلما فعل الحاج فلاح السوداني، أو انه استورد أسلحة فاسدة راح ضحيتها المئات من الأبرياء، وقلت مع نفسي حتماً ارتكب الرجل معصية كبيرة حين زوّر شهادة الابتدائية ليحصل على الدكتوراه في الحشمة والفضيلة ، وذهب خيالي بعيدا وقلت بالتأكيد الرجل حوّل عقود الكهرباء لحسابه الخاص كما فعل معظم وزراء الكهرباء " المحترمين " ، أو أنه شريك ترك الموصل نهباً لعصابات داعش .
ولكن حين قرأت الخبر أدركتُ أنني تجنّيت على مسؤولينا كثيرا ، حين اتهمتهم بالفساد وسرقة المال العام والانتهازية والتزوير، فهذا السنغافوري "الكافر" ارتكب جرماً أشد وأبشع من كل ما فعله النائب محمد الطائي أحد صقور جبهة الإصلاح البرلمانية ، الذي تم اعقاله في دولة الإمارات والتهمة على ذمة وكالات الانباء ، هي تهريب أموال وتحرير صكوك بملايين الدولارات من دون رصيد ، فقد كشفت احدى الصحف السنغافورية أن أحد م مساعدي الوزير كان قد اتهم في السابق بالتعدي على زوجته ، لكن المحكمة برأته في ما بعد ، الوزير خرج إلى وسائل الإعلام ليقول لهم انه سيقدم استقالته ويعتزل العمل السياسي ، وانه أي الوزير لا يستطيع التخلي عن كرامته من أجل المنصب!
منذ أيام وفضيحة غياب الكتب المدرسية حديث الإعلام العراقي ، وتوقعت الناس أن يخرج الوزير المؤمن محمد إقبال الى الشعب يعتذر وذلك أضعف الإيمان، وضربت وسائل الإعلام أخماساً في أسداس وهي تخمّن ردّ الفعل الذي سيقوم محمد اقبال ، حتى جاءهم الفرج على لسانه ، ولكن من تونس حيث ألقى كلمة العراق في مؤتمر الإيسيسكو ، وبدلاً من أن يتحدّث عن تطوير مناهج التعليم وبناء مدارس حديثة ، طالب بالعودة إلى الفكر الإسلامي وإقامة تحالف إسلامي ، وذكرنا جميعا بجمهورية سيد قطب الفاضلة، التي تعتبرنا جميعا خارجين على الدين .
إذن أيها العملاء شعباً ووسائل إعلام ، ما أنتم إلّا ثلّة حاقدة تريدون أن تبيعوا البلاد للأجنبي، وتخططوا في الخفاء لتشويه سمعة وزرائنا المؤمنين الذين يؤدون الفرائض ويقيمون الشعائر ولا يأكلون مال اليتيم، ولايسرقون لقمة الأرامل .