TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الشيخ الليبرالي جعفر الإبراهيمي

الشيخ الليبرالي جعفر الإبراهيمي

نشر في: 6 يناير, 2017: 06:50 م

ali.H@almadapaper.net

عمامة هذا الشيخ النحيل أكثر حداثةً وعصريّةً من أولئك المختبئين في سراديب الروزخونيّة ، ولعلّ خطابه الذي نبّهني إليه بعض الأصدقاء  أكثر اتساقاً مع مبادئ العدالة الاجتماعية والمواطنة  وقيم الدولة المدنية  ، من خُطب كثير من نوّاب المصفّحات ،  وديمقراطية سياسيين نقلوا خلافاتهم من الغرف المغلقة إلى شوارع بغداد ..وقد سمعنا وشاهدنا العبادي ، وهو يتّهم جهات باستخدام دماء الأبرياء في الصراع السياسي .
أتحدّث في عمود اليوم عن الشيخ جعفر الإبراهيمي  ،  أحد الخطباء ، وأجرؤهم وأكثر صدقيّة وإنسانيّة من كثير من العمائم التي تتجوّل تحت قبة البرلمان ،أو تخرج على الناس بين الحين والآخر تقايضهم على حريتهم.    
هذا الرجل ، يخالف الآخرين كونه يحاول ألّا يخلط الحقائق ، فبرغم توجّهه الديني ، واهتمامه بالمنبر الحسيني ، إلا أنه بين الحين والآخر يطرح سؤالاً مهمّاً ، أيهما أقرب الى الله ، رجل لايصلّي ولا يصوم ، لكنه لايسرق ولايغش ، أم رجال ونساء حوّلوا مؤسسات الدولة الى جوامع وحسينيات ، لكنهم يبيعون الوهم والخديعة للناس ويقايضونهم على لقمة عيشهم ويرتشون ويسرقون ، لم أصدّق وأنا أسمع الشيخ الإبراهيمي يقول بالنص : " اليوم الترشيحات للبرلمان أصبحت عشائرية وطائفية وحزبية ، وغاب الاختيار السليم ، اليوم لو يرشّح إنسان لايصلّي ولايصوم لكنه يؤدّي واجبه الوطني بصدق سأنتخبه ، أنا أريده موظفاً مدنياً وليس إمام جامع ، اليوم يحاصرنا أصحاب اللحى والمحابس الذين نراهم في الزيارات ومراسيم اللطم ، لكنهم يسرقون مال اليتامى " ويضيف هذا الشيخ " الليبرالي  :المفروض الانتخابات لايدخل فيها عامل الدين ، العبادة  شأن بين الإنسان وربه ، لايمكن لك أن تخدع الناس بمظاهرك الدينية وأنت تحوّل دائرتك الى مرتع للفساد والرشوة " . هذا الشيخ ينطق بالحقيقة في الوقت الذي ينشغل به عدد من الشيوخ الأجلّاء بمتابعة لباس الفتاة وزينتها ، وقصّات شعر الشباب ، في خطب تهدف الى تجميل الباطل أكثر مما ترنو إلى إحقاق الحقّ.
، إذا انتقلنا من  الشيخ الإبراهيمي " إلى حالةٍ باتت فيها أبواق بعض الخطباء   تهدّد الجميع بالمحو والإبادة على حد تعبير  الشيخ صدر الدين القبانجي  الذي ضاق باحتفالات رأس السنة،لأنها تشجع على الفساد   مطالباً أبناء المحافظات والمواكب والمساجد وعلماء الدين "بمنع تسلل الفساد في شوارعنا ".   
للأسف يحاول البعض أن يُوهم البسطاء، بأنّ مشاكلهم اليومية لا تتعلق بغياب الأمن والخدمات، وأن معركتهم الحقيقية ليست مع سرّاق المال العام، ومروّجي الخطب الطائفية، وأن الأزمة العراقية ليست في سعي البعض إلى تقسيم البلاد لدويلات طائفية.. وإنما في ساعات قليلة  احتفلوا فيها رغم الموت والقتل المجّاني وإرهاب عصابات داعش .
من يريد التأسيس  للخطاب الديني  المستنير  عليه أن يستلهم  أفكار الشيخ الإبراهيمي  الذي شخّص، في جملٍ شديدة البساطة، أصل الداء، وحدّد معالم طريق الانعتاق والتحرّر من مصيرٍ مخيفٍ، تنزلق إليه البلاد  ، مع استمرار جماعة البدع الدينية " والمحابس " الذين يعبثون بمستقبل العراق .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anonymous

    جميل جدا ....قد صغت كل الأمور بكلامات تدل على الثقافة الوعي السياسي والديني تحياتي لكم .......من مدينة الكاظم والجواد الاستاذة يرفأ حسين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram