صدرت رواية جديدة بعنوان "اللاجئ العراقي" للكاتب عبد الله صخي عن دار المدى، وهي جزء مكمل لروايتيه السابقتين "خلف السدة" و"دروب الفقدان". وإذا كانت الرواية الأولى عالجت الهجرة من أرياف جنوب شرق العراق إلى بغداد، والثانية عالجت الهجرة من بغداد إلى بغداد
صدرت رواية جديدة بعنوان "اللاجئ العراقي" للكاتب عبد الله صخي عن دار المدى، وهي جزء مكمل لروايتيه السابقتين "خلف السدة" و"دروب الفقدان". وإذا كانت الرواية الأولى عالجت الهجرة من أرياف جنوب شرق العراق إلى بغداد، والثانية عالجت الهجرة من بغداد إلى بغداد، فإن الرواية الجديدة تعالج الهجرة إلى خارج العراق. تجري أحداث "اللاجئ العراقي" في دمشق وبيروت وعدن ولندن، لكنها كثيرا ما تعود إلى الحياة داخل العراق، إلى المكان الأول الذي يشغل مساحة واسعة من مجريات السرد حيث الحب والأحلام والكفاح اليومي العنيد في مواجهة قسوة الواقع ومرارته.
وكان صخي اصدر روايته (خلف السدة) عن المدى ايضا وهي الرواية التي تناولت تجربة استثنائية في حياة العراقيين وهي سنوات قدوم المهاجرين الأوائل من جنوب العراق إلى بغداد ،وإثر التحولات السياسية التي شهدها العراق على هذا التجمع السكاني الذي كان يعيش خلف سدة ناظم باشا التي بناها هذا الوالي سنة 1910، مرت المنطقة بتحولات جدية وخطيرة بعد قرار الزعيم عبد الكريم قاسم نقل المهاجرين إلى (مدينة الثورة) مدينة الصدر حاليا، الرواية أثارت نقاشات وجدلاً ليس بسبب إشكاليتها السياسية ، وإنما بسبب إشكاليتها الأدبية ،وأعتبرها عملاً طليعياً مقتصداً مكثفاً جدا ،وإن ردود الأفعال النقدية التي أثيرت حولها هي في صالح الرواية وما تزال إلى الآن آثارها قائمة.
يقول عبد الله صخي:
اعترف أن المنفى كاد يفتك بي أكثر من مرة حينما بدأت أشعر بعمق ان العراق ينأى يوما بعد يوم، ولا أمل بالعودة يلوح في الأفق. كنت يائسا، افتش عن نافذة طليقة تطل على صفاء إنساني يمنحني هدأة الموتى. وادركت أن المنفى سوف يسلبني بعضا من حياتي وربما إنسانيتي لكن عليّ أن أقاومه، لا أريده أن يقوضني. الكاتب الباكستاني سلمان رشدي في مقال له بعنوان "أوطان خيالية" يطرح الأمر على النحو التالي: "اشتقاقيا يعود مصدر كلمة (ترجمة) إلى اللاتينية "ترادوسيره" والتي تعني (نُقِلَ إلى حيّز أبعد). لقد نُقلنا نحن إلى مكان أبعد من مكان ولادتنا، إذن نحن كائنات مُترجَمةْ، وما هو متفق عليه هو أننا سنفقد شيئا ما في الترجمة". ويضيف رشدي: "ولكنني أتمسك بالفكرة القائلة بأننا نستطيع أن نربح شيئا أيضا". أما الكاتب البولندي ستيفان ثيمرسون فيعتقد أن "الكاتب لا يمكن أن يكون في المنفى. ما المنفى إلا وهم. الكاتب أينما حل فهو في وطنه" (نقل هذا الرأي هاتف الجنابي في مقال بعنوان مقدمة في المنفى والمهجر). ولكي أربح شيئا وأظل في وطني رحت أشيّد وطناً خاصاً بي، وطناً لي وحدي بحجم الكف، أقصد بحجم القلب، أرسم منازله وأشجاره وأنهاره وأكواخه ومواطنيه ثم أهدمه لأبنيه مجددا. من هنا ولدت رواية "خلف السدة" التي عالجت فيها مكانا لم يعد له وجود، بنيته ثم هدمته ثم بنيته من جديد.
ولد عبد الله صخي في بغداد لعائلة كادحة. بدأ رحلة العمل مبكرا، فهو يتذكر أن أول عمل قام به حين بلغ أربعة عشر عاما. بعد ذلك بسنتين جاءت مرحلة العمل في البناء أثناء العطلات المدرسية حتى دخول الجامعة المستنصرية لدراسة الأدب الانكليزي. وقتها توقف عن العمل في البناء وبدأ سيرته المهنية في الصحافة العراقية. حين بلغ الرابعة والعشرين نشر بداياته القصصية داخل العراق. غادر العراق الى لبنان عام 1979 واصدر هناك مجموعته القصصية الأولى بعنوان "حقول دائمة الخضرة"
انتقل الى دمشق فأقام فيها نحو عشر سنوات ترجم خلالها مجموعة قصصية المانية لهرمان هيسه بعنوان "أنباء غريبة من كوكب آخر"، ورواية افريقية بعنوان "النهر الفاصل". عمل في العديد من الصحف العربية والعراقية، ومحطات الإذاعة والتلفزيون ووكالات الأنباء. وكانت روايته "خلف السدة" هي الأولى له.