في اول نشاط ثقافي لاتحاد ادباء البصرة في عام 2017 ،قدم الناقدان خالد خضير الصالحي وهاشم تايه جلسة نقدية عن الناقد والروائي البريطاني جون بيرجر، كان عنوانها: (الروائي ناقدا تشكيليا .. كتاب بيكاسو نجاحه واخفاقه، لجون بيرجير، انموذجا)، قدمهما فيها الشاع

في اول نشاط ثقافي لاتحاد ادباء البصرة في عام 2017 ،قدم الناقدان خالد خضير الصالحي وهاشم تايه جلسة نقدية عن الناقد والروائي البريطاني جون بيرجر، كان عنوانها: (الروائي ناقدا تشكيليا .. كتاب بيكاسو نجاحه واخفاقه، لجون بيرجير، انموذجا)، قدمهما فيها الشاعر واثق غازي الذي تحدث عن الناقد جون بيرجر وهو من بين أبرز الأسماء المرشحة لجائزة «نوبل» منذ سنوات. وانه  ولد في لندن عام ١٩٢٦ وكان روائيا، وكاتبا، ومسرحيا، وناقدا ورساما، وهو من الكتاب الاكثر نفوذا في العالم خلال الخمسين سنة الاخيرة. وأعماله مجدَّدة في دراساته للتصوير والفن، وصدر لبيرجر بالعربية: «وجهات في النظر» (دمشق، ١٩٩٠)، «طُرُق في الرؤية» (دمشق، ١٩٩٤)، «نجاح بيكاسو وإخفاقه» (بيروت ٢٠١٠)، «من عائدة الى كسافييه» (بيروت، 2010)..
لقد قدم كتاب «نجاح بيكاسو وإخفاقه»، الذي ترجمه فايز الصيّاغ، رؤية نقدية متماسكة وشاملة عن بيكاسو وفنه، كما أثار وما يزال، جدلاً واسعاً في الأوساط الفنية.
ثم قدم الشاعر الفنان والناقد التشكيلي ورقته النقدية حيث نقتبس منها اهم ما جاء فيها:
مع اعترافنا بأن إنتاج بيكاسو الغزير لم يخل من أعمال بمستويات فنية هابطة بالقياس إلى أعماله الناجحة إلا أن بيرجر يطلق تأويلات خاصة تتعلق بمواضيع تلك الأعمال ومشاريعها ودلالاتها ويرى أسبابا لاخفاقات بيكاسو فيها، فهو يعلن أن لوحة (بهجة الحياة) ضعيفة لأن مضمونها يتعلق بفكرة أن الناس سيكونون أسعد حالا لو كانوا بلا افكار، وأن لوحة (مجزرة في كوريا) هابطة لأن سلاح الجنود فيها عتيق، أي ان معيار بيرغر في الحكم على نجاح بيكاسو واخفاقه لا يستند إلى التحقق الفني الجمالي المتجسد لتلك الأعمال وإنما بسند إلى تأويله لمضامينها.
ولا يكف بيرجر عن إطلاق أحكام لا يمكن التثبت من صوابها فهو يقول إن تكعيبية بيكاسو هي حصيلة جمعه بين مادية الفنان كوربييه وجدلية الفنان سيزان وان التكعيبية جاءت نتيجة تطور نظرية الكم في الفيزياء، في حين أن التكعيبية نشأت في غمرة إنجاز بيكاسو لوحته (آنسات افنيون) التي جسدت تجريبية وهوسه في تقصي إمكانات الاشكال.
ومع تقديرنا لتحليل بيرجر للأوضاع التاريخية التي أحاطت بحياة بيكاسو وكان لها تأثير غير مباشر في فنه إلا ان تلك الأوضاع لا تصلح وحدها لتفسير تقلبات أعماله في أساليب متضامنة. ونرى السبب كامنا في تحولات الفن الشكلية التي رافقت ظهور بيكاسو كما ومهدت لها الانطباعية وما بعدها للتنافس بين الفنانين لاختبار إمكانات الاشكال ولاختبار إمكانات الاشكال وتقصيها في مدياتها المتطرفة..
ثم قدم كاتب السطور( خالد خضير) ورقته شفاهيا حيث قسمها الى خمس ملاحظات هي:
اولا، لماذا كان جون بيرجر الاكثر شهرة من بين نقاد القرن العشرين او النصف الثاني من القرن، مقارنة بهربرت ريد او الن باونيس وغيرهما، وهو امر ارجعه الى انه كان يتناول موضوعات اللوحات، وهي ايسر طريق الى المتلقي العادي، بينما كان تناول هربرت ريد والاخرين للاعمال الفنية تعاملا جماليا ويتسم بالنخبوية، فلا تدلل الشهرة الكبيرة لبيرجر على عظم اهميته في النقد التشكيلي والفكر الجمالي.
ثانيا، حول الفرق بين الموضوع والثيمة، فقد كان بيكاسو يرسم بكلتا الآليتين الا انه تخلى في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية عن الموضوعات الحكائية واتجه الى الثيمات فكان يعيد رسم نفس وجه الفتاة عشرات المرات ولكن بشكل مختلف تماما عن المرات الاخرى، فلم يكن جون بيرجر يميز بشكل واضح الفرق بين الموضوع الحكائي السردي وبين الثيمة ذات الطابع الشيئي لذا كانت اكبر مثالب بيرجر تعويله على موضوعات الاعمال في تقرير النجاح والفشل بطريقة معيارية...
ثالثا، بسبب كونه ناقدا اجتماعيا يعتمد بيرجر على تصريحات بيكاسو من اجل البرهان على بعض آرائه التي لا يجد لها سندا الا بتفوهات بيكاسو والتي يعترف بيرجر انها مصاغة بطريقة ( سحرية)، ويتهمها بانها كانت احدى وسائل بيكاسو للحصول على الاعتراف، وقد كان بيرجر يضطر احيانا الى اعادة تاويل ما لا ينسجم مع منطلقاته الايديولوجية من الملاحظات..
رابعا: اعتباره التكعيبية مرحلة مفصلية ومن اخطر مراحل تطور الفن العالمي وهي عنده تعادل خطورة عصر النهضة، مما جعله يعتبرها المرحلة الاهم في منجز بيكاسو، وقرر استنادا لذلك ان تاثير بيكاسو كان مقتصرا على المرحلة التي كان فيها جزءا من التكعيبية، اما ما خلا ذلك فقد قرن نجاح بيكاسو بنجاحة في العثور على موضوع، ومن هنا نرى ان اعتراضات بيرجر على بيكاسو هي اعتراضات خارج بصرية تتعلق بقوانين المنطق او بالاخلاق او بالنفعيات وغيرها من الاعتبارات الخارج بصرية.
خامسا: لم يتطرق جون برجر الا بشكل عابر للانزياح والانقطاع وهما القانونان الاساسيان في تجربة بيكاسو.