يقول عن نفسه انه متيم بالكتابة وانه انسان بسيط لذا فان الحرف متنفس كبير امام كل هذا الغرق الذي تمنحه ظلمات الحياة.. هو روائي وصحفي وقاص مصري يعشق الكلمة ويردد مع نفسه ان الحرف لمن يشاء رسول.. السارد بقصته وروايته والصحفي محمود قنديل عضو اتحاد كتاب مص
يقول عن نفسه انه متيم بالكتابة وانه انسان بسيط لذا فان الحرف متنفس كبير امام كل هذا الغرق الذي تمنحه ظلمات الحياة.. هو روائي وصحفي وقاص مصري يعشق الكلمة ويردد مع نفسه ان الحرف لمن يشاء رسول.. السارد بقصته وروايته والصحفي محمود قنديل عضو اتحاد كتاب مصر وعضو نادى القصة بالقاهرة ورئيس تحرير مجلة (نوافذ جديدة) التي تصدر عن فرع ثقافة القليوبية.
صدرت له في القصص ( تداعيات الخوف القديم) و(أصداء التراتيل الصامتة )، وفي النقد بجزءين ( قراءة في صفحات الأدب )، اما في الرواية فاصدر ( وأد الأحلام ) و(النفق ) وكذلك رواية (عفواً سيدى المحقق) فضلا عن كتاب ( حوارات حول الإبداع - حوارات أدبية .)
* بين العمل الصحفي والكتابة الأدبية ثمة من يعتقد بوجود تقاطع بينهما وأن الصحافة قاتلة للأدب، كيف تراها وانت المخبر في العالمين واي عالم هو الاقرب؟
- ممارستي للعمل الصحفي تأتي لخدمة الإبداع ، فحواراتي لا أجريها إلا مع الأدباء بهدف الكشف عن تجاربهم الخاصة في القصة والرواية والشعر – بألوانه – والنقد . وكذلك التحقيقات الصحفية فهي عن قضية أدبية أو ثقافية تلح على مشهدنا الآني . لذا فلا تعارض – مطلقًا – بين الكتابة الأدبية ، والممارسة الصحفية .
* في كتاباتك التي اطلعنا عليها ثمة جنوح للواقعية واستخدام الرمز كعلاقة عليا بين المخيلة وهذا الواقع، كيف ترى جنوح الكثير من الكتابات القصصية في العالم العربي نحو المخيلة الموغلة بالرمزية؟
- هناك من يرى – خطأً – بأن استخدام الرمز يأتي لدواعي الهروب من الديكتاتورية التي انتشرت في معظم مساحتنا العربية ، ولكني أرى أن الرمز يظل أداة جيدة من أدوات الفن الراقي لا يمكن للمبدع – أي مبدع – الاستغناء عنها أو تجاهلها ، فالرمز ينأى بالنص عن الوقوع في فخ المباشرة والتقريرية خاصة حين يكون مغلفا بطبقة رقيقة من المراوغة الفنية بحيث لا تفصح عن مراد الكاتب بسهولة ، لكني – بطبيعة الحال – أراني ضد الرمز الضبابي الكثيف الذي يدعو المتلقي إلى فك طلاسم النص بجهد شاق ومحاولات مضنية وهو مانلحظة في بعض الكتابات في عالمنا العربي الراهن .
* هناك من يعتقد ان الرواية لم تقتل الشعر فقط بل قتلت حتى القصة وان الكثير من كتابها يفكرون بكتابة الرواية، هل البحث عن الشهرة هو احد اسباب هذا التوجه ام ان القصة ستبقى بعالمها الأصعب الذي لا يلجه الا من كان مفتونا وآثما بها؟
- برأيي أنه لا يوجد لون فني باستطاعته قتل لون آخر أو محوه من الوجود الإبداعي ، وهذا الكلام ينطبق على ما نحن بصدده – هنا – ولكن ما يطفو على السطح بين فترة وأخرى بعض الأصوات المنحازة للون على حساب الألوان الأخرى ؛ فنسمع من يقول بأننا في ( زمن الرواية ) ، أو ( قصيدة النثر ) ، أو ( القصة الومضة ) وغيرها . هناك – في أوساطنا الأدبية فرقعات بغرض لفت الانتباه أو البحث عن الشهرة كما تقولون ، وفي اعتقادي أن القصة ليست فنا صعبا على من يمتلك بوتقة الكتابة المكثفة التي تعتمد الإيجاز – بإيحاءاته وتلميحاته – منهجا لها ، بعيدا عن الاسترسال المجاني والإطناب غير المبرر .
* لنأخذ السرد في مصر ولكن يبدو السؤال عاما وهو انه لم يتخلص لحد الان من جلباب اثنين من عمالقة الادب المصري، نجيب محفوظ ويوسف ادريس وآخرون قليلون.. هل تبدو هذه النظرة واقعية ام انها رأي سبق ان اطلقته الصحافة او النقاد فصار مثل مصطلح غير قابل للدحض؟
- ليس صحيحا على الإطلاق ، فالسرد منذ الستينيات تجاوز محفوظ وإدريس ، وقد شاهدنا ذلك – بقوة – عند يحيى الطاهر عبدالله وإبراهيم أصلان وصنع الله إبراهيم وغيرهم ، ولعل هذا ما دعا الأديب السكندري العظيم محمد حافظ رجب إلى إطلاق صيحته الخالدة : ( نحن جيل بلا أساتذة ) بل ذهب إلى أكثر من هذا فقال لي من خلال حوار أجريته معه منذ سنوات إن نجيب محفوظ حاول تقليده خاصة في مجموعته القصصية المعنونة بـ "تحت المظلة" ، حافظ رجب لمن لا يعرفه هو صاحب التجريب الأول في فن القصة بمصر ، وهو الذي قالت عنه دائرة المعارف البريطانية أنه أدخل شكلا جديدا في فن القصة بمصر . فإذا تطرقنا إلى جيل السبعينات والثمانينات والى واحد من أبنائه سنجد محاولات دؤوبة للبحث عن وطء أرض بِكْر في فن القص .
* السؤال يقودنا الى سؤالٍ آخر مفاده.. هل التجريب في الكتابة القصصية او السردية عموما اضر بمفاتيح التلقي وجعلها تتحول من المركز الى الهامش كنوع كتابي؟
- لا بد أن نتفق – بداية – على أن الإبداع كائن حي يخضع للتطور والنمو والتغير ، لكنه يظل محتفظًا بنواته التي لا تخضع لعوامل الفناء ولا تحمل جين الموات . فإذا كان الأديب مُعْنَى بالتجديد والتجريب فلا أقل من أن يعنى القارئ بتجديد ملكات التلقي ليستقبل هذا الفن بوعي وفهم وحُب ، صحيح أن الذائقة – عامة – لا تتقبل الجديد بسهولة ، ولكن هذا لا ينبغي أن يمثل عقبة في طريق البحث عن البِكر وغير المطروق دائما .
* بمعنى أخر هل هذا التجريب الذي أطاح بثوابت الكتابة السردية مكن غير المبدعين من الولوج الى هذا العالم كما يقول البعض حتى ان الكثير من الشعراء تحولوا الى الكتابة السردية لأنها في تجريبياتها صارت أكثر سهولة من كتابة النص الشعري؟
- قد أتفق معك بنسبة ما ، وليس بنسبة كبيرة ، لأن القارئ المتمرس يستطيع – للوهلة الأولى – أن يفرق بين الثمين والغث والحقيقي والزائف ، وهناك دور النقد الذي ينبغي أن يكون موضوعيًا ويبتعد عن المجاملات التي تحفل بها ساحتنا الثقافية في كل أرجاء معمورتنا العربية خاصة عندما يتعلق الأمر بكتابات المرأة ، ولا أدري ما بواعث ذلك.
* بين الكتابة القصصية في "ترانيم الخروج والموت" و"أصداءالتراتيل الصامتة٬ وثلاث روايات هي "وأد الأحلام" و"النفق" و "عفوا سيدي المحقق"، ماذا أردت ان تقول فيهما وما وجه الاختلاف في سياق النسق السردي خاصة وأن العديد من النقاد من يعتقد انك تساهم في بلورة كتاب نص سردي يخلق ويختلق عوالمه من مثل انك تكتب سردياتك وفق وجود نصين سرديين متوازيين وايضا هناك من يقول ان كتاباتك قامت على التراتب فهل هذه الصلاة هي ابجديات الكتابة لدى قنديل؟
- من الصعب جدا الإجابة على الشطر الأول من سؤال ( ماذا أردتَ أن تقول ؟ ) ، فالكتابة عندي – في معظمها – غير قابلة للشرح ، هي تحمل عوالم غرائبية مستفيدة من الكابوس والحلم والتراث والأسطورة متكئة على لغة وصفها النقاد بالشعرية ؛ لها جرسها الخاص وإيقاعها المختلف ، كل هذا تم توظيفه لصالح الفن من ناحية ومن أجل– الكشف عن أغوارالإنسان – من ناحية أخرى ، ذلك الكائن المجهول كما يقول ألكسيس كاريل .
خلاصة القول أن ( الإنسان ) هو أهم مايشغلني في لحظات حركته وأوقات سكونة ، في إنجازاته وإخفاقاته ، في نجاحاته وانكساراته ، وأيضا في تناقضاته والتي لا نعرف لها تفسيرا .
* هل بالضرورة ان تحمل الكتابة السردية عملية الاختلاط بين الواقعي بالسحري٬ والمنطقي بالعجائبي٬ والواقع بالحلم٬ والتجلي الواضح بالخفي؟
- ليس من الضرورة بمكان أن تحمل الكتابة السردية ما أشرتَ إليه بدليل أن أغلب ما كتبه نجيب محفوظ ، ويوسف إدريس ، ومحمود تيمور ، ومحمد عبد الحليم عبدالله لا تحمل هذه القيم رغم جودتها .
* يشكل الاعلام واحدة من أهم محطات النشر والاعلان والدعاية هل استخدمت هذه الخاصية في بلورة جيل سردي ام انها ظلت حبيسة العلاقات في اعلاء شأن اسماء هي اقل شأنا من الاسماء التي ظلت بعيدة عن الاعلام؟
- للأسف الشديد صارت العلاقات الشخصية أهم عامل في انتشار ضعيفي الموهبة في كثير من الأحيان ، واختلط الجيد بالرديء ، ومع ذلك أراني متفائلًا بكلمة التاريخ الأدبي الآتية – ولو بعد حين – تنصف من يستحق ، وتضع الصغار في أحجامهم الطبيعية ، وتلقي عديمي الموهبة في سلات المهملات وصناديق القمامة . ننتظر نقادا محايدين يقولون كلمة الفصل في نصوص تصدَّرت مشهدنا الراهن .
* هل ساهم الادب والسرد خصوصا بمعالجة القضايا العربية التي يعاني منها الشعب العربي؟
- الأدب لا يقدم حلولا ولا يعالج قضايا ، هو يقدم المشهد كما يراه – بفنية – ويحرض الآخرين على تغييره .
* بعد الربيع العربي ربما هناك تحولات على الصعيد السياسي والديني هل يمكن ان نرى خارطة سردية جديدة متأثرة بهذا الربيع؟
- أعتقد أنه بعد فترة وبعد اتضاح الحقائق والكشف عن الكثير من المخفي سوف نرى سردا يعبر عن طبيعة المرحلة المعاشة الآن . الأمر يتطلب الكثير من الوقت لكي نقرأ سردا عميقا.