إن مقارنة المربد الحالي بسوابقه في السبعينيات والثمانينيات، وحتى التسعينيات، من حيث التنظيم والمدّعوين والمدخلات والمخرجات، فيها كثير من التجنّي. فقد كانت الحكومة بكلّ ثقلها تقف خلفه، لأنها كانت تنتظر أن يحقّق لها ما ترغب به. المربد الآن يقام بجهد مح
إن مقارنة المربد الحالي بسوابقه في السبعينيات والثمانينيات، وحتى التسعينيات، من حيث التنظيم والمدّعوين والمدخلات والمخرجات، فيها كثير من التجنّي. فقد كانت الحكومة بكلّ ثقلها تقف خلفه، لأنها كانت تنتظر أن يحقّق لها ما ترغب به. المربد الآن يقام بجهد محافظة غير مخدومة على نحو طبيعي بأساسيات الحياة، مع دعم من وزارة تعاني الإهمال، في بلد منهك، وشبه مفلس.
كان ينبغي لمرابد البصرة في السنوات الماضية أن تميّز نفسها، بالنوع لا بالكمّ، كما كان ينبغي على لجنته العليا ولجنته التحضيرية تجنّب دعوة شعراء ومدعوين بهذه الضخامة.. أكثر من 300 مدعو..! ، وكان ينبغي أيضاً إهمال فكرة أن المربد "عرس". أعتقد أنه لو اقتصر عدد المشاركين في المربد على أربعين شاعراُ [30 عراقياً (بينهم 5-10 من المغتربين والمنفيين) وعشرة من العرب والأجانب في كل دورة] مع عشرة نقّاد مبرّزين من العراقيين والعرب والأجانب، لكانت للمربد قيمة فنية ورمزية كبيرة، لا أن تسيء لمكانته دعوة البعض ممن لا يتوفّر على أبسط مؤهلات المشاركة، ولكان المهرجان حظي بجمهور نوعي متذوّق للشعر ومتفاعل معه، بدلاً من حالة الهرج التي يتسبّب بها مئات المدعوّين، الذين كرّس لغطهم نوعاً من القطيعة الغريبة والمؤسفة بين الصالة ومنصّة الإلقاء.. وإنه لأمر مخجل حقّاً أن تضطر اللجنة التنظيمية إلى مخاطبة القاعة أكثر من مرّة بالتزام الهدوء كي يكمل الشاعر قصيدته، ومن المخجل على نحو أشدّ أن يعيب وكيل وزارة الثقافة، في كلمته الختامية، على بعض ممن ارتقى المنصّة، خرقه قواعد النحو العربي وعدم احترامه مجاورة الفراهيدي وسيبويه في مدينتهما.
يتطلب العدد المقترح للمدعوين، اختيارا دقيقاً، تتولاه لجنة متخصّصة مشكّلة من شخصيات أدبية رصينة تنتمي لعدّة أجيال، ومعروفة بنشاطها وفاعليتها ورصدها وتتبّعها، بحيث تضمن آلية عملها تنقية الأسماء في كلّ دورة بأكثر من فلتر، لتختفي المجّانيّة والمحسوبيّة وتبادل التربّح في توجيه الدعوات.. التي يكثر الكلام عليها، وألّا تتكرّر دعوة شاعر إلّا بعد أربع دورات، وبمبررات فنية أيضاً عند دعوته مجدداً. المبرّر الوحيد للمشاركة في المهرجان يجب أن ينحصر بالإنجاز النوعي الذي لا بد أن تقيّمه اللجنة وحدها، على أن تُمنح لها مسؤولية الانتقاء وفق ضوابط فنية معلنة، بدون ضغط وإملاءات حكومية أو إدارية أو إخوانية... وهي تتحمل- أدبياً- بالنتيجة أية إخفاقات في الاختيار. ولا بأس حتّى في أن تكون لديها نافذة الكترونيّة تتلقى فيها طلبات شخصية للمشاركة في المهرجان من الشعراء والنقّاد الراغبين بذلك، لتبتّ هي بها.
بمثل هذا العدد والنوع، يمكن عقد جلسات لعدد محدود من الشعراء تجمع شعرهم وقصائدهم سمات عامة، بالانفتاح على مجتمع المدينة، على أن تعقد جلسات نقدية تتناول تجارب هؤلاء الشعراء المشاركين وقصائدهم. وأن تقام ثلاث جلسات شعرية تخصّص واحدة لشاعر عراقي، وأخرى لعربي، وثالثة لشاعر أجنبي، هم ضيوف الشرف بالمهرجان، يُمنح فيها كلّ واحد منهم وساماً باسم السيّاب، وتكون دعوتهم ضيوفاً للشرف مرّة وحيدة في حياتهم.على أن يصدر كتاب تذكاري لكل دورة، يضم قصائد المشاركين ونبذاً عن حياتهم، ووقائع الجلسات النقدية.
هو مقترح لتطوير المهرجان، لعل أدباء البصرة ونخبها واتحادهم يأخذون به، ليكون هذا مهرجان محطّ فخرنا جميعاً، ويعتزّ به كلّ مشارك فيه، ويعدّه مكسباً كبيراً في حياته الشعرية، أن نال حظوة اختياره ليكون ضيفاً على مهرجان شعري رفيع المنزلة يقام بمدينة عريقة كالبصرة تتنفّس الشعر، لا أن يكون المهرجان- كما هو حاله الآن للأسف- علكاً يُلاك من الجميع عقب انفضاض كلّ دورة، برغم كلّ جهود أصدقائنا الأدباء والمثقفين البصريين لإنجاحه.
جميع التعليقات 1
عبد العليم البناء
لقد اصاب حسين محمد عجيل من حيث أخطأ كثيرون في تصويب مسيرة المشهد الثقافي برمته والمشهد الادبي خاصة إذ بفعل إدعاء بحرية جوفاء وديمقراطية عرجاء تسيد منصة أتحاد الادباء والكتاب العراقيين وليس فقط منصة المربد كثيرون ممن لايجديدونضبط لغتهم العربية التي هي سلاح