في العاصمة ، هلسنكي ، يوم 13 شباط ، استضاف مركز الثقافة العالمي في هلسنكي ، وفي قصر دار الثقافة (Kanneltalon) ، في ضاحية كانيلماكي الكاتب الروائي والاعلامي العراقي يوسف أبو الفوز والشاعر "يي تين ثيت زوى" من بورما في أمسية ثقافية تحت عنوان
في العاصمة ، هلسنكي ، يوم 13 شباط ، استضاف مركز الثقافة العالمي في هلسنكي ، وفي قصر دار الثقافة (Kanneltalon) ، في ضاحية كانيلماكي الكاتب الروائي والاعلامي العراقي يوسف أبو الفوز والشاعر "يي تين ثيت زوى" من بورما في أمسية ثقافية تحت عنوان "الأدب والمنفى ". أدارت الندوة بتألق وحيوية الكاتبة الفنلندية "أوتي كورهونين" وهي بنفس الوقت منسق برنامج التعدد الثقافي في شمال أوروبا .
ابتدأت الأمسية بترحيب ممثل مركز الثقافات العالمي، المترجم الجزائري حمزة عمروشي ، بالضيوف وجمهور الحاضرين الذي تميز بحضور نوعي لعدد من الكتّاب والاعلاميين والناشطين في برامج تعدد الثقافات .
ثم ابتدأت قراءات شعرية للشاعر يي تين تيث زوى بلغته الأم ، وقرأ بعده الكاتب ابو الفوز مقتطف من قصة قصيرة باللغة العربية عن الحنين للوطن ، وتولت الكاتبة اوتي كورهونين قراءة الترجمات باللغة الفنلندية. ثم بدأ الحوار بين الكاتبة كورهونين والضيوف ، حيث وجهت اسئلة للضيفين عن بداياتهما في الكتابة وتأثير المنفى على انتاجهما الابداعي ووجهات نظرهما في مفهوم التعدد الثقافي . وساهم الجمهور باغناء الحوار بأسئلته العميقة التي تناولت محاور أدبية مختلفة تخص تجارب ونشاط الضيفين .
الشاعر البورمي تحدث عن الرقابة البوليسية على الأدب والقوانين المجحفة التي تحد من حرية التعبير ، وقرأ بتاثر قصائد أهداها لزملائه وأصدقائه في السجون في بلاده وبينهم أخوه ، وتحدث عن رحلته في المنفى وتأثيرها على نتاجه الأدبي وبحثه الدائم عن آفاق جديدة لقصيدة المنفى عنده .
الكاتب يوسف ابو الفوز ، في اجاباته ، تحدث عن مفهوم المنفى وتأثيره على الكاتب ، وكون المنفى ليس فقط الابتعاد عن ارض الوطن الأم ، بل يمكن للكاتب ان يكون في وطنه ويعيش "المنفى الداخلي " باغترابه عن محيطة بتأثيرات الأجواء السياسية والاجتماعية والدينية التي تضع أمامه الكثير من الخطوط الحمر، وبيّن ان تجربته الادبية في "المنفى خارج الوطن" أغتنت بتجاربه الحياتية في محطات حياته المتعددة ، وان "المنفى الخارجي" فتح له آفاقاً أكثر من الحرية للكتابة بعيدا عن التابوات التي عرفتها الثقافة في بلاده ، فالمنفى الخارجي كضربة عنيفة على ظهر أي كاتب ، لم تكسر له ظهره بل أجبرته للتقدم للأمام . وعن سؤال حول اشكالية اللغة ، كونه يكتب بالعربية ويعيش في بلد غير عربي؟ قال: ان هذا منفى آخر يؤرقه دائما ، فهو يكتب باللغة العربية، ويتعايش وينشط مع المحيط حوله بلغات اجنبية مختلفة، فهو لا يستطيع التعبير عن أفكاره ونفسه بشكل ابداعي الا بلغته الأم ، ومن هنا تأتي أهمية الترجمة المتقنة ليصل الى الجمهور الذي يعيش وسطه ليتعرف على افكاره ، فالمترجم هنا لا يكفي ان يكون متقنا للغة الكاتب ، بل يتطلب ان يكون ذا حسٍ أدبي يجعله بمصاف ان يكون مؤلفا ثانيا للكتاب المترجم .
وكان العراق حاضراً بقوة من خلال الاسئلة التي تكررت عن اسباب ترك الكاتب (أبو الفوز) بلاده الى المنفى، وعن سؤال حول تطورات الاوضاع الحالية في بلاده وموجة الهجرة الاخيرة من البلاد ؟ اجاب الكاتب يوسف ابو الفوز بإسهاب عن تعقد الاوضاع السياسية في العراق نتيجة حكومات المحاصصة الطائفية وتفشي الفساد في مؤسسات الدولة العراقية ونشاط الجماعات الارهابية في غرب البلاد والمليشيات الطائفية التي ينتشر نشاطها في كل مكان ، والقمع الذي تتعرض له حركة الاحتجاج لأجل المطالب المشروعة بالاصلاح والتغيير. وبيّن ان الهجرة من العراق الى مختلف بلدان العالم ، لن تتوقف لأن أسبابها لا تزال قائمة ، فالشباب العراقي فقدوا الأمل في حياة حرة كريمة يسودها الامان ويحميهم القانون. وأن الشباب القادمين الى فنلندا واجهوا سياسات تشدّد من قبل الحكومة الحالية مما حوّل الأمر الى ازمة حادة للمجتمع الفنلندي وجعل طالبي اللجوء يعيشون في مأزق.
أعقب نهاية الأمسية لقاء مفتوح بين ضيوف الأمسية والجمهور ، الكاتب ابو الفوز التف حوله مجموعة من الشباب العراقي من طالبي اللجوء في فنلندا ومن المقيمين الجدد وانفتح حوار صريح ومباشر حول الاوضاع في العراق وأزمة اللجوء وومشاكلها وآفاقها ، وحول كل ما يُثار في الصحافة الفنلندية من اسئلة حول واقع وحياة طالبي اللجوء في فنلندا ، والآفاق القادمة امام ذلك ، وشدد الكاتب ان سياسة الحكومة الفنلندية اليمينية الحالية تجاه اللاجئين تلقي نقداً شديداً من قبل جهات عديدة ولكن اللاجئين انفسهم مطالبون بتقديم صورة طيبة عن أفعالهم وحياتهم ، يساعد على نبذ كل الخروقات التي تنسب لهم سواء بشكل مبالغ او مفتعل ، والعمل لخلق روح التضامن مع قضيتهم بين اوساط اوسع من الشعب الفنلندي .