ناقش الملتقى الفلسفي في كربلاء، مفهوم الميتافيزيقيا كونه مفهوماً شائكاً ومبهماً وله وعي يحتاج الى تأمل، وفيه اشكالية كما قال المحاضر الدكتور سليم جوهر، الذي يترأس الملتقى تجعله هذه الاشكالية محبطاً كلما أراد المضي في فكِّ شفراته.ويقول جوهر في المحاضر
ناقش الملتقى الفلسفي في كربلاء، مفهوم الميتافيزيقيا كونه مفهوماً شائكاً ومبهماً وله وعي يحتاج الى تأمل، وفيه اشكالية كما قال المحاضر الدكتور سليم جوهر، الذي يترأس الملتقى تجعله هذه الاشكالية محبطاً كلما أراد المضي في فكِّ شفراته.
ويقول جوهر في المحاضرة التي قدمها الشاعر والإعلامي حيدر الحاج.. إن البعض يعتقد بأن موضوع الميتافيزيقيا شائك وخلافي بل هو متهم كمفهوم مبهم ووعي زائف. وأضاف قد كنت متردداً بسبب هذا التصوّر المسبق عن الميتافيزيقيا والرفض المصاحبة لهذا الرفض بسبب ارتباط مفهوم الميتافيزيقيا بما هو غيبي في الوعي الشائع. وأشار الى أن هذه الإشكالية بقدر ما تكون عاملاً محبطاً للمضي في تقديم الموضوع، كان محفزاً لتناوله بالطريقة التي تزيل هذا الاشتباك المفاهيمي الذي يكتنفه مفهوم الميتافيزيقيا. ولفضِّ هذا اﻻشتباك المفاهيمي بيّن أنه سيتناول الموضوع بشكل متسلسل من معنى الميتافيزيقيا الى ما تعني وماهي موضوعاتها وصولاً الى المشكلة الميتافيزيقيا وعلاقتها بالتجربة والمعنى، وكيف أدّت الى التركيز على دراسة الذهن. ويوضح أن كلمة ميتافيزيقيا لم يتناولها أرسطو، بل أوّل من استخدمها هو الفيلسوف المشائي عندما قام بجمع كتب أرسطو التي تتناول الطبيعة فسمّاها فيزيقيا، واحتار ماذا يسمّي الكتب التي تتناول موضوعات غير فيزيقي، فأطلق عليها الميتافيزيقيا. ويشير الى أن أرسطو كان يسميها الفلسفة الأولى، التي يرى انها علم المبادئ الأولي والعلل البعيدة التي تشمل جميع العلوم، لأن موضوعها النهائي هو العلة الأولى أو المبدأ الأول. ويشير أيضاً الى أنها العلم الذي يدرّس موضوعات تتجاوز الظواهر المحسوسة، وهي أيضاً تعنى بدراسة الوجود بصفة عامة، أي البحث في المقولات التي تعبر عن خصائص أساسية لهذا الوجود، كالجوهر والعرض.. التغير والثبات..الزمان والمكان والعلاقات. وأيضاً - بحسب قوله -، إنها تدرس أيضاً الوجود الإلهي وصفاته. وتدرس النفس والروح والوجدان.
تدل كلمة ميتافيزيقيا بالمعنى الواسع، عن العلم الذي يتبنى مجموعة من الأفكار المنظمة والمنسقة التي تدور حول موضوع معين.. ويفيد جوهر، أن الميتافيزيقيا تعرضت الى نقد شديد وتهكم كبير، من قبل فلاسفة التنوير. فالفيلسوف وليم جيمس يقول (الفيلسوف الميتافيزيقي أشبه بالأعمى الذي يبحث عن قطة سوداء في غرفة مظلمة). والفيلسوف الفرنسي فولتير فيقول (إذا رأيت اثنين يتناقشان في موضوع ما ولا يفهم أحدهما الآخر، فأعلم انهما يتناقشان في الميتافيزيقيا). ويرى انه على العكس من ذلك فقد انبرى كانت للدفاع عن الميتافيزيقيا فيقول (أنني ابعد ما اكون عن النظر إلى الميتافيزيقيا على أنها شيء تافه يمكن الاستغناء عنه لدرجة اني مقتنع تماماً، بأن الوجود الحق والدائم للجنس البشري ﻻ يقوم إلا عليها ولا يكون إلا بها). أما الفيلسوف برادلي، فيقول إن الدافع الى الميتافيزيقيا موجود في قلب الطبيعية البشرية) أما شوبنهور فيصنف الإنسان بأنه كائن ميتافيزيقي. ويمضي بقوله على أن إشكالية اللبس الحاصل لمفهوم الميتافيزيقيا، فهو بسبب قصور الفهم أن الميتافيزيقيا تهتم بدراسة كل ما وراء عقلي وغيبي، أما موضوعات الميتافيزيقيا فهي تنقسم الى: أولاً الانطولوجيا وهي كما عرفها أرسطو البحث في الوجود بما هو موجود. أو علم الوجود.. وثانياً السيكولوجيا العقلية يهتم بدراسة النفس البشرية هل هي بسيطة أم مركبة.. أما ثالثاً، فيرى جوهر انها الكوسمولوجيا أو علم الكونيات، وهي تشمل دراسة موضوعات العالم وظهور الكون والبنية التي يتألف منها. ورابعاً يدرس اللاهوت العقلي ويناقش موضوع الألوهية والأدلة على وجود الله وصفاته ويدرس مشكلة الخير والشر والتجربة الدينية.
ويبقى السؤال لماذا الميتافيزيقيا والحاجة لها. تنشأ الميتافيزيقيا وتظهر أساساً لوجود عدم انسجام في خبرتنا المألوفة والتقابل الحاصل بين الظاهر والحقيقة. فالعلم كما يبدو لنا ليس هو حقيقة العالم، فدائماً ما نفاجئ بظهور ما ﻻ نتوقع.