نظم نادي الكتّاب في كربلاء، أمسية كانت من أجمل أماسيه للشاعر العراقي البصري علي الامارة، الذي تحدث عن تجربته الشعرية واجتراحه لتجربة كتابة ما أطلق عليه (القصورة ) ليكون مشروعاً شعرياً يزاوج فيه بين القصيدة والصورة.في بداية الامسية، قال مقدمها
نظم نادي الكتّاب في كربلاء، أمسية كانت من أجمل أماسيه للشاعر العراقي البصري علي الامارة، الذي تحدث عن تجربته الشعرية واجتراحه لتجربة كتابة ما أطلق عليه (القصورة ) ليكون مشروعاً شعرياً يزاوج فيه بين القصيدة والصورة.
في بداية الامسية، قال مقدمها القاص حمودي الكناني، إن الامارة وهو يقدم مشروعه الجديد، انما يقدم اسلوباً للقصيدة والشعر والصورة، إذا ما عرفنا أن لا نص بلا صورة حتى لو كانت متخيلة أو هي المؤثرة في كتابية النص، سواء منه الشعري أو النثري. وأضاف أن، الامارة أصدر كتابين في القصورة الأول (رسائل الى الميدان) والثاني (أنا وشكسبير) المترجم الى اللغة الانكليزية وكتابه الثالث (قصورة البصرة) وهو تحت الطبع، حيث قرأ البصرة حاضراً وماضياً من خلال القصائد المندمجة مع الصور المعبرة عنها.
وتحدث الأمارة عن مشروع، بعد أن قرأ عدداً من النصوص الشعرية الجديدة أو من كتبه حيث قال، كنت دائماً أبحث عن رابط ما يكون قاسماً مشتركاً بين القصيدة والصورة، وبين المدى البصري للصورة والعمق الدلالي للنص الشعري، فيستفيد الشعر من الفنون الأخرى غير المتجانسة معه في الجنس الأدبي، وإنما يذهب الى أبعد من جنسه، فيمسك ناصية النوع الآخر من الفنون غير نوع الأدب، ألا وهو نوع التصوير أو اصطياد اللحظة الزمنية الهاربة وتجميدها في متحف الزمن، بما يسمى فنياً بالصورة أو اللوحة التشكيلية التي تعمق من الاحساس بمرأى الأشياء والأحداث والأمكنة.. وأشار الى أن الشعر يتماهى مع هذا المرأى العميق للوجود الذي تتيحه اللوحة، بما فيها لوحات الكاريكاتير التي تجسد السخرية المرّة من واقع ما، حدثاً أم شخصية أم زمكاناً، فيسكب الشعر سخريته الخاصة به في مجرى سخرية اللوحة - الكاريكاتير ليضاعف الدلالة الساخرة، ويوسع من أفقها وتأثيرها بالمتلقي.. وأكد الأمارة، أن الشعر كسب مساحة أخرى غير مساحته النصيّة، تضاف الى مساحة دلالته وأفقه الفني، مؤكداً مرة أخرى، أن هذا العصر والمستقبل هو لصورة ساكنة أو متحركة، فعلى الشعر أن يمسك زمام عصره ويمتد من فضاء النص المفرداتي الى فضاءات أخرى، وعلى الشعر أن يخرج من سجن المفردة الدهري.. لكنه من جهة أخرى يستدرك بقوله.. ولكن هذا الوعي المخمّر في الذاكرة، كان بحاجة الى صدمة تجعل منه حقيقة فنية لا حلماً ولا وهماً وإن كان الحلم - وحتى الوهم - في بعض الأحيان، يكون جناحاً يحلق به الشعر، ويستدرك ايضاً، ولكن الحقيقة الصادمة لها وقعها الخاص الذي يحمل في طياته غبار الوهم والحلم واللا معقول احياناً.. فتلقي بالشاعر في متاهة القول، فلابد من سلّم اذن أو لابد من حبل يمدّه الشاعر، ليخرج القصيدة من بئر الدهشة والانكسار حد الضياع .. فالشاعر يريد أن يتسلق الى قمة الدهشة لا أن يضيع في قاعها. يريد أن يصنعها لا أن يتناثر في مهبها .. والشعر لا بد أن يزاحم التاريخ، فيسرق الضوء منه ويسحب من تحت اقدام التاريخ بساط البوح، الذي طالما خدعت الأجيال به.. ويمضي بقوله إن، هناك ستة اشتراطات لهذه القصورة هي أولاً: حسن الاختيار والانتقاء للصورة، فليس كل صورة تصلح لتكون قصورة ناجحة.. بل الصورة التي توقظ في الشعر تلك الجمرة المخبوءة تحت الرماد، والصورة التي تستطيع القصيدة أن تتحرك حد التحليق في فضائها التعبيري، هي التي تغري القصيدة بالتزاوج معها لإنتاج قصورة ناجحة.. وثانياً: الاشتراط الثاني حسن التزاوج وقوة المزج بين الصورة والقصيدة، لتكوين وحدة موضوعية قصورية، تسوغ ارتباط الصورة بالقصيدة، وقادرة على أن تصل الى المتلقي، على انها ليست قصيدة ولا صورة، بل انهما معاً في تشكيل فني ودلالي جديد، هو القصورة، أي قدرة الشاعر على جعل القصيدة تنتمي بقوة الى الصورة المختارة، بحيث تكون الصورة حاضرة في كل بيت أو عبارة من القصيدة..اي على القصيدة أن ترتقي بالصورة الى فضائها الشعري الجديد وتخرجها من صوريتها المجردة الى قصوريتها من عطائها البصري الى انعكاسها النصّي.
