TOP

جريدة المدى > عام > عبد الله صخي

عبد الله صخي

نشر في: 30 مارس, 2017: 12:01 ص

 بقلم: حميد المختارانتهيت من قراءة رواية (دروب الفقدان ) للروائي العراقي المغترب عبد الله صخي وكانت متعة خالصة ورحلة أعادتني إلى موطن طفولتي وصباي في (مدينة الثورة) ابان فترة السبعينيات من القرن المنصرم. انطلقت بها منذ أن أعلن عن إعدام الخوشي (نايف

 بقلم: حميد المختار

انتهيت من قراءة رواية (دروب الفقدان ) للروائي العراقي المغترب عبد الله صخي وكانت متعة خالصة ورحلة أعادتني إلى موطن طفولتي وصباي في (مدينة الثورة) ابان فترة السبعينيات من القرن المنصرم. انطلقت بها منذ أن أعلن عن إعدام الخوشي (نايف الساعدي)، ذهبت روحي مع علي سلمان وأمه (مكية الحسن)، هذه المرأة التي تذكرنا بامهاتنا، اللواتي عانين الأمرين وهن يواجهن أيام المحن والحزن والمجاعات الكبرى، أيام الحقبة البعثية البغيضة، بالأردية السوداء والدموع الهاطلة كالمزن الدائم، حتى أصبحن علامات وسموات لا تبلى وتحولن إلى تواريخ للحنان الموؤد والأمومة المقتولة. رواية (دروب الفقدان) حافظت على تلك الأجواء بحرفية عالية وبروح لم يصبها الكسل أو العطب أو الترهل، مكتوبة بحب وبرغبة في إعادة خلق مشاهد الطفولة، طفولة الأجيال الماضية، وطفولة المدن المتعبة التي أصابها العطب والخراب والموت، بسبب الحروب والحصارات ورحيل الابناء المبكر سواء للمقابر أم للمنافي. لقد خطا هذا الروائي الكبير خطوة ثانية جريئة بعد خطوته التأسيسية الأولى (خلف السدة) مدوناً بذلك تاريخ الآباء والأجداد لشريحة العراق الكبرى، شريحة أهل الجنوب، أولئك الذين جاؤوا من ظلم الجنوب القاسي إلى تخوم العاصمة وحواشيها ليعيشوا في مدينة (الشاكرية) التي حررهم منها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ونقلهم إلى مدينة فتية اطلق عليها اسم (مدينة الثورة) تيمناً بثورة 14 تموز، ولكن الزمن والغدر لم يمهلا الزعيم الراحل فغادرمقتولا، تاركاًهذه الشريحة في مدينة كالصحراء خالية من كل شيء. من هنا تبدأ المأساة التي أمسك بخيوطها هذا الروائي، ابن (مدينةالثورة ) ليقدم لنا عملاً كبيراً كتب فيه تاريخ الأسى والموت والخوف والطغيان والحلم والإبداع والتلاشي في منافي الآلام والغربة. أستطيع أن أقول أن عبد الله صخي وزملاءه من كتاب المنافي استطاعوا الإمساك بالطفولة الشفافة للمدن التي ظلت تعيش في مخيلاتهم فنقلوها صافية لا تشوبها شائبة على الورق، أما نحن كتاب الداخل المحترق فلم نفلح بالحفاظ على تلك الصور القديمة، لأننا واكبنا الخراب والتلاشي، خراب المدن وتلاشي الجمال واندحار الطفولات القديمة، لهذا لم يستطع مثلاً القاص والروائي محمد علوان جبر أن يرسم مدينة الثورة في روايته (ذاكرة أرانجا ) بالدقة التي رسمها عبد الله صخي في هذه الرواية، وكذلك الأمر مع الروائي العراقي المغترب سنان أنطون في روايتيه (يامريم ) و(إعجام) وربما غيره ممن تناولوا المدن العراقية في أزمنتها الغابرة، أما كتاب الداخل فلم ولن يتمكنوا إلا أن يخططوا لرسم الخراب الذي دب في تضاعيف تلك المدن محولين إياها الى اشكال شوهاء خارجة عن نطاق الذاكرة الحية. إن رواية (دروب الفقدان) واحدة من الأعمال السردية الكبيرة التي ستخلد (مدينة الثورة ) البطلة التي ينبغي لها أن تحتفي بابنها البار العائد تواً من جليد الغربة.. لكنها ستكون غربة أخرى لسيرة هذا الروائي الذي لن يجد مدينته القديمة أبداً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

"إسرائيل" ترفض الانسحاب الكلي من لبنان وبري يعارض الشروط

بارزاني: "قسد" لا تمثل الأكراد كافة

مقتل طالب في كلية الشرطة بهجوم مسلح

الصدر: عهداً ووعداً لن نحيد عن التمهيد والإصلاح ما حيينا

مركز الفلك الدولي يحدد الاول من شهر رمضان المبارك

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الحصيري في ثلاثة أزمنة

الهوية والتعبير الاسلوبي.. مشتركات تجمع شاكر حسن واللبناني جبران طرزي

موسيقى الاحد: احتفاليات 2025

رولز رويس أم تِسْلا؟

جُبنة ألسخوت(*)

مقالات ذات صلة

رولز رويس أم تِسْلا؟
عام

رولز رويس أم تِسْلا؟

لطفية الدليمي كلّما سمعتُ شاعراً أو كاتباً يقول:"أنا كائن لغوي. أنا مصنوع من مادّة اللغة" كان ذلك إيذاناً بقرع جرس إنذار الطوارئ في عقلي. هو يقولها في سياق إعلان بالتفوّق والتفرّد والقدرة الفائقة على...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram