علي حسين
دخل جاك شيراك قصر الإليزيه عام 1995 رئيساً لجمهورية فرنسا، وخرج منه بعد اثنى عشر عاماً، كان قبلها قد تولى رئاسة الوزراء مرتين، وقبل كل هذا وذاك عرف بأنه أشهر عمدة لمدينة باريس، وعندما غادر القصر الرئاسي عام 2007، انتقل مثل أي مواطن عادي للسكن في شقة وضعها تحت تصرفه احد ابناء رفيق الحريري. ربما تسخر من جنابي وتعتبر الأمر مجرد هلوسات، فهل يعقل ان الرجل الذي أقنع العراقيين في السبعينيات على شراء مفاعل نووي، لم يحصل على عمولة تنفعه في اليوم الأسود، مثلما استطاع علي الدباغ خلال فترة إقامته في الحكومة ناطقاً باسمها أن يجمع بالحلال، مبلغاً بسيطاً لايتجاوز الـ”200”مليون دولار!، لكن عزيزي صاحب علامة التعجب، ان البلدان التي تمارس الديمقراطية الحقيقية لايستطيع المسؤول مهما كبر حجمه ووزنه أن يصرف دولاراً واحداً خارج الراتب المخصص له،، فالمال هناك ملك الدولة ومؤسساتها، لا ملك المسؤول ومقربيه.
كنتُ قد وعدتكم أن أتوقف عن الاستشهاد بالشخصيات الغربية”الكافرة”، وأعمل جاهدا للحديث عن أصحاب”التقوى”من أمثال سليم الجبوري الذي زفّت إلينا الأنباء مفاجاة سعيدة، ومطمئنة فرئيس مجلس النواب السابق سيتمتع بكل الامتيازات والسكن في المنطقة الخضراء وأفواج الحمايات لمدة خمس سنوات قادمة وبالقانون. ومثلما انشغلتُ أنا الكاتب الفضولي بتتبع أخبار”المجاهد سليم الجبوري”فقد انشغلت صحف فرنسا بخبر نقل جثمان الفرنسية سيمون فاي، إلى مقبرة العظماء الى جانب فكتور هيجو، وروسو وفولتير.
في خطابه الى الشعب قال الرئيس الفرنسي ماكرون :”إنه حين تُكرّس حياة للعدالة وخاصة حيال الضعفاء والأشخاص الأكثر تعرضًا للقهر والإذلال، وحين تختار هذه الحياة أن تعيش تحت راية التسامح، فإن فرنسا هي التي تزداد عظمة”
قبل أكثر من سبعة عقود وجدت سيمون فاي نفسها سجينة من قبل الشرطة النازية، حيث تم إيداعها في معسكر للاعتقال، وستكون شاهدةً على موت والديها وشقيقها وشقيقتها الصغرى، وحين تنتهي الحرب وتخرج من المعتقل، تدفعها تجربتها المريرة لأن تكون أكثر انسانية، وعندما تصبح عام 1979 أول رئيسة للاتحاد الأوروبي، تمدّ يدها الى ألمانيا التي قتلت عائلتها ذات يوم، وتطالب الألمان والفرنسيين بنسيان الماضي وأحقاده!..ترى من سيتذكر حنان الفتلاوي؟