اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تلويحة المدى: الأجساد العارية في تأريخ الفن الإسلاميّ

تلويحة المدى: الأجساد العارية في تأريخ الفن الإسلاميّ

نشر في: 16 يوليو, 2018: 07:12 م

 شاكر لعيبي

ساجلنا طويلاً على هذه الصفحة نفسها بشأن تسمية "الفن الإسلاميّ"، واقترحنا إيجاد بديل لها طالما تعلق الأمر بـ "أسلوب" جماليّ معروف. بصفته أسلوباً فهومحايد عقائدياً. وذكَّرنا بإلحاح أن هذا الفن ليس فناً دينياً، بالمعنى الضيق للكلمة، على غرار مثلاً "الفن المسيحيّ".
الفن الإسلاميّ لم يكن تجريدياً حصرياً وليس تشخيصياً، وقد عالجتْ منمنماته التشخيصية مختلف المواضيع كما نعرف في مثال الشهير الواسطيّ. عالجتْ أيضاً موضوع (الأجساد العارية) منذ وقت مبكر زمن الدولة الأموية رسماً ونحتأ، وفي مختلف الفترات اللاحقة على استيحاء وتحت ذرائع سرد القصص الدينيّ، كقصة أدم وحواء.
سأتوقف هنا أمام رسوم قصر عمرة (724-743م) الأمويّ.
إن الفريسكات المُصوّرة على جدران هذا القصر الأموي الذي اكتشفه أليوس موزيل Aloys Musil، الواقع في الجنوب الغربي من مدينة عمان الحالية، يثير السجال حول الفنانين المسلمين الأوائل، وقدرتهم على استجلاب موضوعات العُرْي في فن التصوير مثلما نراها في القصر. بعض فريسكات القصر قد أعيد تصويرها ونشرها في العديد من الكتب الخاصة بالفن الإسلامي بسبب أنها، كما أعتقد، تقدم تمثيلات لأجساد عارية.
ثمة في هذه الفريسكات مشاهد لشخصياتٍ مستلهمة من الأيقونية الميثيولوجية اليونانية، تمثل الفكر والتاريخ والشعر، وأسماؤها مكتوبة باليونانية. يطرح اتنغهاوزن تساؤلاً عن مدى معرفة المالك الأول لهذه التصاوير بتلك اللغة؟ ثمة مشهد في القصر يُمثِّل ستة ملوك مع نقوش كتابية باليونانية والعربية تسمّي أربعة منهم. يلاحظ أتنغهاوزن أن الكتابات اليونانية في هذا القصر "قد أشبعتْ بأخطاء وحذوفات، إضافة إلى أن الخطوط الخارجية قد خُطـَّتْ قبل وضع الألوان، الأمر الذي يعني أن الفنان لم يكن يتقن التعبير اليوناني لكنه قادر على تحرير كتابات بالعربية ونسخ مفرداتها بإملاء صوتي، لذلك عليه أن يكون متقناً للغة العربية أو أصيل تلك المنطقة. ولأن من الممكن أن يكون من بين الفنانين عربياً غير مسلمين، فقد تفاجأ العلماء بالكتابة التي تمتلك يقيناً لكنة مسيحية". وملاحظة إتنغهاوزن المتعلقة بضعف معرفة الفنانين الشاميين يومذاك باللغة اليونانية تتطابق بشكل دال مع الملاحظات الموثَّقة للباحثة بولين دوسيل- فوت عن الكتابات على بلاطات كنائس بلاد الشام المؤرّخ لها بالفترة السابقة مباشرة لظهور الإسلام. يتعلق الأمر دون شك بفنانين شاميين يتكلمون الآرامية أو العربية، ويعرفون أطرافاً من اليونانية.
للأسف الشديد تعرَّضت الكثيرُ من تصاوير قصر عمرة للتلف، وأعيد بناء بعضها بداية القرن في مؤلفات الباحثين الأوربيين. كان القصر مكاناً للاستجمام في البادية وتقع قربه بئرٌ للاستحمام. من هنا وفرة صور العاريات على جدرانه. لم يجد الأمويون حرجاً في وضعها في مكانٍ للخاصّة، لا يتصل به العامة ولا يرونه. هذه التصاوير هي من تقاليد صور الحمّامات المخفية في العالم الإسلاميّ التي سيتحدث عنها بعد وقت طويل الإمام الغزالي مستهجناً. من البديهي - وهو ما ينساه مؤرخو الفن الإسلامي- أن تتأثر بلاد الشام أيضاً، جوار تقاليدها التاريخية، بتقاليد بيزنطة التي خضعتْ لها وقتاً طويلاً حتى مجيء الأمويين. تقاليدها فيما يتعلق بالرسم عموماُ أو بالرسم في الحمّامات خصوصاً.
أما منحوتات قصر عمرة العارية، فلها حديث طويل، بسبب ارتباطها بتقاليد النحت التدمريّ السابق للإسلام، أي عدم تقليدها بالضرورة للأسلوب الرومانيّ – الأغريقيّ وابتعادها النسبيّ عن قوانين الجمال الأنثوية التي يتبعها

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram