اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تلويحة المدى: غمزتِ الدابة في مشيها.. للمارة

تلويحة المدى: غمزتِ الدابة في مشيها.. للمارة

نشر في: 10 ديسمبر, 2018: 07:50 م

 شاكر لعيبي

أن تتلفظ اليوم بالفعل (غَمَزَ) فأنت تذهب فوراً إلى دلالة الإشارة بالعينين أو الحاجبين. ألمْ تسمع الأغنية العراقية الشعبية التي تقول بعض كلماتها "سلَّم عليَّ بطرف عينه وحاجبه". العجيب أن هذا الاستخدام للفعل هو من (المَجاز) كما يقول معجم (تاج العروس): "غَمَزَ بالعَيْنِ والجَفْنِ والحاجبِ يَغْمِزُ غَمْزًا: أَشارَ، كرَمَزَ". الغمز هنا هو فعل رمزيّ. لكن لسان العرب يبدأ المادة بالقول: "الغمز هو الإشارة بالعين والحاجب والجفن. قال تعالى "وإذا مروا بهم يتغامزون"، ومنه الغمز بالناس. قال ابن الأثير: وقد فسر الغمز في بعض الأحاديث بالإشارة كالرمز بالعين والحاجب واليد". بعبارة أخرى فهو يشدّد على أن الغمز بالناس هو حركات رمزية بالعين أو الحاجب أو اليد، أي لغة إشارات. لكن مجمل عرض اللسان لا يتفق مع ذلك. والأصل في دلالته كما يُصرِّح مرتضي الزبيدي (ت عام 1790م) مؤلف تاج العروس تشبه الأفعال نَخَسَ وعَصَرَ وكَبَّ، ومنه‌ حديثُ عمر «أَنَّه دَخَلَ عليه وعنده غُليِّمٌ يَغْمِزُ ظَهْرَه"، وفي حديث الغُسْل: «اغْمِزِي قُرُونَكِ»؛ أَي اكْبِسِي ضَفَائِرَ شَعرِك عند الغُسْل. وقال زيادٌ الأَعْجَمُ:
(وكُنْتُ إِذا غَمَزْتُ قَنَاةَ قَومٍ - كَسَرْتُ كُعُوبَهَا أَو تَسْتَقِيمَا) أَي لَيَّنْتُ، وهو مَثَلٌ، والمعنى: إِذا اشتَدَّ عليّ جانبُ قوم رُمْتُ تَلْيِينَه أَو يستقيم. والغَمّازَةُ: الجَارِيَةُ الحَسَنَةُ الغَمْزِ للأَعضاءِ؛ أَي الكَبْسِ باليَدِ.
وإذن فإن الفعل (غمز) يشير إلى حركة متواترة خفيفة متقطعة بإيقاع أقرب للسرعة. ومن ذلك غَمَزَتِ الدّابَّةُ غَمْزًا أي مالَتْ مِن رِجْلِهَا؛ أَي ظَلَعَتْ، وقيل أن الغَمْز في الدّابّة غَمْزٌ خَفِيٌّ. وغَمَزَ الكَبْشَ غَمْزًا، وذلِك إِذا وضعتَ يَدَكَ على ظَهْرِه لتَنْظَرَ سِمَنَه.
وكل ما يأتي بعد ذلك فهو، حسبما يشفّ من عرض الزبيديّ، من المَجاز: غَمَزَ بالعَيْنِ والجَفْنِ والحاجبِ يَغْمِزُ غَمْزًا: أَشارَ، كرَمَزَ. ومن المَجَاز: غَمَزَ بالرجُلِ غَمْزاً؛ إِذا سَعَى به شَرًّا. ومن المجاز "ما فيه مَغْمَزٌ"، كمَسْكَنٍ، ولا غَمِيزَةٌ، ولا غَمِيزٌ، أَي مَطْعَنٌ؛ أَي ما فيه ما يُطْعَنُ به ويُعَابُ، وجَمْع المَغْمَزِ مَغَامِزُ، يقال: في فُلانَة مَغَامِزُ جَمَّةٌ. والغَمِيزَةُ: ضَعْفٌ في العَمَلِ، وجَهْلَةٌ في العَقْل. والغَمِيزَةُ: العَيْبُ. أَو ما في هذا الأَمْرِ مَغْمَزٌ؛ أَي مَطْمَعٌ. ومن المَجَازِ: الغَمَزُ، هو الرَّجل الضَّعِيفُ، والغَمَزُ أَيضًا رُذالُ المَالِ من الإِبلِ والغَنَمِ،. وأَغْمَزَ الرجُلُ. اقْتَنَاه؛ أَي الغَمَزَ. ومن المَجَاز: المغموزُ وهو المُتَّهَمُ بعَيْبٍ. وأَغْمَزَنِي الحَرُّ؛ أَي فَتَرَ فاجْتَرَأْتُ عليه وسِرْتُ فيه، وهو مَجَازٌ. ومن المَجَاز: أَغْمَزَ في فُلانٍ إِغمَازاً: عَابَه واسْتَضْعَفَه وصَغَّرَه؛ أَي صَغَّرَ شَأْنَه. قال الكُمَيْتُ:
"ومَنْ يُطِع النِّسَاءَ يُلَاقِ منهَا إِذا أَغْمَزْنَ فيه الأَقْوَرِينَا"
أَي مَنْ يُطِعِ النِّسَاءَ إِذا عِبْنَه وزَهِدْنَ فيه يُلاقِ الدَّوَاهِيَ التي لا طاقَةَ له بها، وأَغْمَزْت فيه؛ أَي وَجَدتُ فيه ما يُسْتَضْعَف لأَجْله. ومن المَجَاز: التَّغَامُزُ والمُغامَزة أَن يُشِيرَ بعضُهُم إِلى بعضٍ بأَعْيُنِهِم. وزاد في البصائر: أَو باليَدِ، طَلَباً إِلى ما فيه مَعَابٌ ونَقْصٌ. ومن المَجَاز: اغْتَمَزَه: طَعَنَ عليه، يقال: فَعَلتُ شيئًا فاغْتَمَزَهُ فُلانٌ؛ أَي طَعَنَ عليَّ، ووَجَد بذِّلك مَغْمَزاً.
القول المتكرّر (من المجاز) هو للزبيدي نفسه. لذا فإن مجمل استخدامات هذا الفعل هي استعارية شعرية بالأحرى. ومنها في العصور الأحدث قالوا غمز التينَ ونحوه: جسَّه ليعرِفَ أَناضجٌ هو أم فِجٌّ. وغمز زِرَّ الجَرَسِ ونحوِه: ضغط عليه بإِصبع، وهذا ينسجم مع المعنى الأصليّ الحَرْفيّ للفعل. أما من الاستخدامات الشعرية الحديثة، فالغَمَّازُ مبالغة الغامز وهي هَنَةٌ تُشدُّ في خيط الشِّصِّ تطفو على سطح الماء، فإِذا غَطَست دلَّت على علوق السمكة بالشصِّ. ومما أقره مجمع اللغة العربية بالقاهرة غمز من الناي والمزمار ونحوهما: مفتاح يقوم في سدِّ الثَّقب مكان الأصبع.
نحن أمام بُعد شعري آخر في ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram