علاء المفرجي
لم تسنح لي الفرصة لمشاهدة جميع الأدوار التي لعبتها الممثلة آلاء نجم، لكن ما شاهدته من أعمال لها، كانت الأهم والأبرز، وهي أدوار التي حققت فيها حضوراً مهماً في المشهد الدرامي العراقي.
واذا كنا نصنف تسمية ممثلاتنا العراقيات طبقاً للمراحل التاريخية التي عملوا بها أو بطبيعة الأدوار التي ادّينها منذ بداية الخمسينيات وحتى الآن، نجد أن اللواتي بدأن مع بداية النشاط الدرامي في العراق(سينما، مسرح، تلفزيون) كانت تسعفهن جرأتهن في الدخول الى هذا الميدان، درجة تراجعت فيها الكفاءة الادائية لهن لصالح هذه الجرأة، في مجتمع كان يفرض قيوداً جمة على المرأة، فكان وجود المرأة على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا يغطي على جميع العناصر الواجب توفرها في الأداء. أما الجيل الذي اعقبهن من الممثلات فحظين بدعم الدولة ورعاية الفنانين الرواد. ولكن الممثلة آلاء نجم تنتمي الى جيل كتب عليه أن يخط تاريخ ابداعه بنفسه، جيل مستلب عانى آثار الحروب والجوع والقمع المؤسساتي، جيل كان يرى في بروزه وإعلان موهبته، ضرباً من المستحيل، جيل كان خارج إطار أي مؤسسة فنية حاضنة للابداع – هذا إن كانت موجودة مثل هكذا مؤسسة- إلا بشروطها هي. فذهبت مثل أبناء جيلها الآخرين تلتمس مواطن الموهبة بنفسها، لتصّقلها وتنمّيها، فانخرطت بأعمال فنية كان المسرح – بالطبع - ميدانها الأهم فهو الذي تعلمته على مقاعد الدراسة.
كانت موهبتها تلألأ في خضم الاندفاع الحماسي لأبناء جيلها، والذي تكفل بإبراز الكثير من المواهب، وفي أكثر من مجال. وكان الأفضل في هذا الاندفاع ضد كل من يضع مانعاً في طريقه، هو من ينطوي على موهبة وقدرة جيدة في التمثيل.
أكثر من سبب جعل هذه الممثلة تؤكد حضورها. فما زلنا نتأمل ظاهرة التمثيل في أرقى وأسمى تجلياتها. منظور التمثيل وفي المقدمة قسطنطين ستانيسلافسكي، يسمون جانب الموهبة والإلهام، الجانب الانثوي باعتبار ان هناك مبدأين متناقضين في الفن، بشكل عام مبدأ أنثوي وهو الذي يشمل الغريزة والحدس، وهو جانب غامض، والمبدأ الذكوري الذي يعبر عن العقل والبرهان، وهو جانب الصنعة والتقنية وهذا هو الفرق بين الاثنين، ولا نعني هنا الانثوي والذكري تقسيماً للنوع البشري، فيمكن أن يكون جانباً أنثوياً طاغياً عند ممثل، وجانباً ذكرياً واضحا في أداء تمثيله.
ولعل من أهم ما تتميز به الممثلة آلاء نجم، هو (الحضور) أو الكاريزما، وهو السمة البارزة في الجانب الانثوي للممثل، وهو كلمة غالباً ما تتردد عند الممثلين، كلمة ملتبسة يصعب تحديد معناها بالضبط ولكننا بالتأكيد نشعر بتأثيرها حين نلمسها عند ممثل، ومن الصعوبة تحديد تعريفها. فهذا (الحضور) لا يمكن تعلّمه أو اكتسابه بالخبرة، لكن الممثل يستطيع صقله وتنميته عن طريق التدريب.
فمثل قوة الجذب المغناطيسي تلفت الممثلة نظر ومتابعة المشاهد. وهوما تتميز به آلاء نجم. وكما يقول اريك بنتلي "التمثيل يبدأ من واقع الحضور الشخصي والجسمي للممثل" حتى إنه يستطيع أن يجمع المئات من الجمهور في قبضة يده كحشد من النمل بحسب ستانيسلافسكي.
وهذا ما لمسته في الاء نجم وكذلك الممثلين المقتدر احمد شرجي وسمر قحطان في فيلم (صمت الراعي) فهؤلاء كان لهم حضور بارز، رغم انهم في الفيلم ممثلين مساندين، ولعل هذا هو اهم ما نجنيه من هذا الفيلم اضافة الى براعة تصويره.
ألاء نجم وممثلون قلة يستحقون كلمات الثناء بحقهم لعل في مقدمتهم الممثل احمد شرجي والذي ستكون لي الاسبوع القادم وقفه معه.