علي حسين
هناك أمور كثيرة تنغّص عليّ حياتي، بعضها يمكن احتماله، أملاً في أن يتكفل الزمن بحلها، وبعضها أشبه بالقدر الذي لا فكاك منه، مثل إصلاحات حنان الفتلاوي وتصريحات أحمد الجبوري والظهور المستمر لنجم البرلمان عدنان الأسدي ، ومقولة صالح المطلك التي ذهبت مثلاً : " أنا أفضل سياسي عراقي !! "
لكن من بين أكبر المنغّصات التي تواجهني هي حالة السيد أسعد العيداني محافظ البصرة الذي يتوهم أن أهالي المدينة نصبوه رئيساً لجمهوريتهم المستقلة التي ترفع شعار: " كل شيء يهون من أجل أن يبقى العيداني عضواً بمجلس النواب ومحافظاً للبصرة " ، حالة المحافظ وأشباهه من سياسيي العصر الجديد أدت إلى خراب واحدة من أهم وأغنى مدن العالم وأعني بها البصرة ، فالرجل يعتقد أنه جعل البصرة تنافس دبي وسنغافورة في الاقتصاد والرفاهية الاجتماعية والخدمات ، وعليه لابد لأهالي المدينة التي تعيش بفضله أزهى عصورها أن يحملوا له هذا الجميل ويعاونوه على تحقيق رغباته وهي بسيطة لا تتعدى محاولة الجمع بين عضوية البرلمان ومنصب محافظ البصرة.
وأنت تقرأ مثلي هذه الأخبار ماذا تفعل تضحك أم تبكي ؟ ، إنه ضحك كالبكاء ، قالها عمنا المتنبي وهو يردّ على الخراب الذي كان يحاصره .
وعلى ذكر المتنبي لايزال هذا الشاعر العظيم يثير الجدل حول شعره وحياته ، برغم مرور أكثر من ألف عام على رحيله ، وايضا يثير الاسى لان العراق ادار بظهره لشاعره العظيم ، حتى ان قبره يعاني الأهمال والجحود . في واحد من أجمل الكتب " في صحبة المتنبي " يأخذ الروائي السوداني الطيب صالح عهدا على نفسه أن يرفع لواء الدفاع عن كبير شعراء العرب ، فنجده يتتبع حياة الشاعر ، ويناقش بهدوء ما كتب ضد المتنبي ، والطيب صالح كاتب لاتستطيع ان تفارق كتبه ، فالحمد لله ورغم ما يجري حولنا من مهازل فأنا بين الحين والآخر أعيد قراءة أحد كتبه الممتعة ، مثلما أعيد قراءة بيانات الحكومات ، ستسألني : لماذا ؟ لأعرف كيف دب الخراب في مقاصل الدولة وكيف انتعشت الانتهازية ، وماذا حققنا في حقل الخدع والأكاذيب السياسية ، ربما
إذا لم تقرأ تصريحات السياسيين خلال الست عشرة سنة الماضية ، فلا تلم إلا نفسك، لن تعرف لماذا لانزال نتربّص على سلّم البؤس العالمي ، وكان أشهر هذه التصريحات ما قاله " عظيم البلاد " همام حمودي ذات يوم للعراقيين :عليكم أن تشكروا النعمة التي أنتم فيها ".
عذراً أبا الطيّب لأنني وضعتك في مقارنة مع جهابذة العصر الجديد!! .