علي حسين
أحاول دائماً وأنا أسمع وأقرأ تصريحات النواب والمسؤولين العراقيين ومن اتخذ من السياسة مهنة للتربح ، أن أسال نفسي: ترى إلى متى يستمر التدفق المنظم لهذه الصور المحزنة والمخجلة؟ .
المواطن العراقي تحوّل إلى مجرد مستمع ، والأهم مطلوب منه أن يهتف لفلان، أو ينشغل بمعركة تقاسم المناصب بين تحالف الإصلاح وتحالف البناء ، فبعد معلقات شعرية عن حكومة التكنوقراط ، وأناشيد ترفض المحاصصة ، اكتشفنا أن مشكلة البلاد مرتبطة بتقاسم المناصب داخل مجلس الوزراء بين الإصلاح والبناء ، "ومفيش حد أحسن من حد " مثلما أخبرتنا ذات يوم الراحلة تحية كاريوكا .
خلال ستة عشر عاماً أضاع علينا " المجاهدون " أهم ثروات هذه البلاد ، المال والقانون ، وأغرقونا بشعارات وخطب عن الديمقراطية والحرية ، وفي الوقت الذي استطاعت فيه مصر أن توفر كهرباء لـ 48 مليون مواطن بستة مليارات دولار ، نهبَ مسؤولونا أكثر من أربعين مليار دولار عدّاً ونقداً ، وبدلاً من " مزاد بيع المناصب " الذي نصبه أحمد الجبوري وسط قبة البرلمان ، كان المطلوب سهلاً جداً ، أن نضع المسؤول المناسب في المكان المناسب ، وبدلاً من أن يضحك علينا حسين الشهرستاني وينضم بين الى قائمة أغنياء الكرة الأرضية ، كان هناك مهندس عراقي اسمه فاروق القاسم يعيش في النرويج ساهم في اكتشاف النفط في أحد أكبر حقول النفط في بحر الشمال . ، هذا المهندس توهم بعد 2003 انه يمكن أن يقدم شيئاً لبلاده العراق ، ويخبرنا أنه فاوض حكومة بغداد بشأن خطة متكاملة لتطوير صناعة الطاقة ، المسؤولون ، قالوا له ننصحك بأن تعود الى النرويج ، الجهات السياسية التي وقفت ضد مشروع فاروق القاسم قررت في لحظة تاريخية مهمة أن عبقرية حسين الشهرستاني أبقى وأنفع للعراقيين ، وأن الغاز الإيراني يوثق الصلات التاريخية بين الشعبين ، وأن الحصول على الكهرباء من الجارة إيران بالعملة الصعبة فرض وواجب .
وعلى مدى ستة عشر عاماً عشنا مع حكومات ليس لديها شيء تقدمه للعراقيين ، تعلن منع استيراد " الموطا ، ولا تفكر مثلا في حل مشكلة الطاقة ، والعراق ينام على بحيرة من الغاز .
العراق المديون للعالم بـ " عشرات المليارات " وشعبه الذي يُطلب منه التقشف وشد الأحزمة والامتناع عن تناول العصائر ، ويعيش مئات الالاف منه في خيام التهجير ومثلهم في دروب الغربة .. العراق هو مصدر حل الأزمات المالية في طهران ، ومصدر الأمل في حل أزمة الليروة التركية ، وهو الذي يسعى لرفاهية الاردن .." عجبي " مع الاعتذار للراحل صلاح جاهين .