علي حسين
ما معنى أن يخرج حزب الفضيلة بمجموعة من المتظاهرين في محافظة ذي قار وهم يرفعون شعارات "كلا كلا للكفر والإلحاد" ليطالبوا بحرق مقر الحزب الشيوعي العراقي واعدام النائبة هيفاء الامين ..سيقول البعض انها ردة فعل لما قالته الامين قبل ايام في احدى المؤتمرات ، لا ياسادة ، الامر مختلف ، فالحقيقة ان هيفاء الامين تجرأت وطالبت بتشريع قانون العنف الأسري، الأمر الذي أغاظ حزب الفضيلة فخرج علينا النائب عمار طعمة يقول إن القانون يخالف مبادئ الإسلام والتقاليد والأعراف. طبعاً لست خبيراً في الفقه الإسلامي ولا بالتشريعات العشائرية ، لكنّي قرأت في سيرة الشيخ محمد رضا الشبيبي، وهو العالم الجليل، أنه قدّم في العهد الملكي مشروعاً لقانون يُجرِّم اضطهاد المرأة وتعنيفها. وأتمنى أن يثبت لي السادة النواب المعترضون أنّ الشيخ الشبيبي لم يكن رجلاً عالماً في الدين والفقه والسياسة والسماحة . حزب الفضيلة ومعه العشرات من نواب الأحزاب الدينية، بفرعيها السُّني والشيعي، مخلصون لتربية حزبية جعلت منهم تروساً في ماكنة قهر المرأة باسم الفضيلة والدين، فهؤلاء جميعاً يرون في المرأة "ضلعاً أعوج" يجب تقويمه، وهي ناقصة عقل ودين.
لعل السؤال الأهم لمن يتابع الوضع في العراق هو: هل ما جري في تظاهرة حزب الفضيلة ، مقطوع الصلة بما جرى ويجري من خراب، وأن سلوكيات البعض ليست بعيدة عن نظام دولة المحاصصة الطائفية، ووثيق الصلة أيضاً بحرائق التعصب والانغلاق التي تنتشر اليوم في أكثر من مكان؟ فحملات إعادة العراق الى القرون الوسطى التي رفعت راياتها من قبل كامل الزيدي في بغداد ، وسارت على دربه مجموعة من "الحجاج" كان أبرزهم نوري المالكي ، الذي قال بالحرف الواحد :"إن الأحزاب الإسلامية في العراق استطاعت أن تدحر الماركسيين والعلمانيين والحداثويين وأن تنتصر عليهم." ولن ننسى الدروشة التي أخذت رئيس مجلس النواب السابق محمود المشهداني حين أصرّ على أن يعيد علينا مشاهد من فيلم "الرسالة"، معلناً أنه "لن يتنازل عن أسلمة الشعب العراقي، وأي فكر آخر هو فكر مستورد ولن نسمح به " هذه الحملات هي نفسها التي يحاول اليوم حزب الفضيلة أن يعيدها، وبنجاح منقطع النظير، وتحت سمع وبصر الأجهزة الحكومية في محافظة ذي قار.
يمكن لحزب الفضيلة أن ينظم تظاهرة ضد الحزب الشيوعي ويحرق مقراته ، ولكنه حتماً سيعجز عن إقناع المتظاهرين بفوائد البطالة، وبالمنافع التي تعود عليهم من خلال الفساد المالي المستشري، وبرائحة الخراب التي انتشرت في معظم مدن العراق. ولهذا سأعلن استعدادي لمشاركة حزب الفضيلة تظاهراته ، لكنني اشترط عليه أن يشترك معنا، نحن المساكين، في تظاهرة، ضد الانتهازية السياسية، وضد سارقي المال العام ، وضد حيتان تهريب النفط .