علي حسين
قبل عشر سنوات من الآن، كان العراقيون يشاهدون صاحب قناة الزوراء، مشعان الجبوري، يجلس فى الاستديو متشنجاً كالعادة، ويصرخ: علينا تحرير العراق من الغزاة. ثم يبدأ باعطاء دروس تمهيدية عن أهمية المفخّخات في تنظيف العراق من العملاء، وليتحف المشاهد بعدها بسيل من الخطابات الهستيرية.، بعدها وجدناه يبث للأمة العربية، وهذه المرة من قناة أطلق عليها اسم "الشعب"، الخبر السار: القائد عزة الدوري يوجه رسالة لكم.
وكنت، ولسذاجتي من الذين صدّقوا أن السيد مشعان الجبوري مصمم على أن يطرد آخر جندي أميركي من العراق. لكني صحوت ذات يوم لأشاهد السيد مشعان يظهر، بلحمه وشحمه، وهذه المرة من على قناة العراقية ليخبرنا، نحن الذين صدقنا أن التغيير سيجلب لنا الكفاءات والإعمار والخير والأمن والأمان وينسي هذا الشعب سنوات الحروب والدكتاتورية والخوف، بضرورة مساندة السيد نوري المالكي، وليحذرنا من الاقتراب من كرسي رئاسة الوزراء، فهو مستعد أن يخوض حرباً شعواء لإقامة "دولة القانون. ، بعدها بسنوات قليلة شاهدنا مشعان يجلس هادئاً يبتسم لمذيع إحدى الفضائيات، يشرح له كيف أن نوري المالكي خدعه في لحظة ضعف، ما جعله يغض البصر عن التزوير الذي حصل في انتخابات عام 2014 .
وحين يسأله المذيع: ياسيد مشعان ألم تقل قبل عامين إن السيد نوري المالكي رجل شجاع وسأقف معه الى النهاية؟ يبتسم مشعان ويقول "ياعزيزي المرحلة آنذاك كانت تتطلب مثل هذا الكلام."
ولم يمر عام على الطلاق من المالكي حتى ظهر مشعان هذه المرة باعتباره المتحدث الرسمي باسم الإصلاح، وظل يهتف ليل نهار: إذا أردتم أن تكونوا وطنيين، فاهتفوا كما أهتف أنا في الفضائيات " عاش الاصلاح وليسقط الفساد " ، وقبل هذا الهتاف اعترف لنا مشعان بانه حصل على رشوة صغيرة " ملايين من الدولارات "
غير أن الأمور لم تمضِ كما أراد لها الجمهور، فقد ضجّ النواب وهم يشاهدون مشعان لوحده يخرج من فضائية ويدخل أخرى، فكان لابد أن يختطف حسن العلوي الشاشة ويفجر مفاجاة مدوية :"عزة الدوري يتصل بي بين الحين والآخر، وأنه يتنقل بدراجة هوائية في بغداد." ولم يعجب هذا الكلام عزة الشابندر الذي ظهر منفعلا على احد الفضائيات ليعلن أنه سيحمل السلاح لطرد الأميركان"، الأمر الذي اعتبره حاكم الزاملي خروجاً على النص أو تجاوزاً للسقف "الكوميدي"، فاخبرنا " مشكورا" أن ما حدث في النجف وبغداد وكربلاء هو محاسبة الفاسدين الذين تخاف منهم الدولة.
وقد قيل ما قيل فى أسباب اختطاف برامج التوك شو من قبل السياسيين في رمضان، فالسادة النواب يعتقدون أن بامكانهم تقديم دراما تلفزيونية اكثر تشويقا من مسلسل الفندق واكثر واقعية .