صلاح حسن
عن دار فضاءات في عمان صدر كتاب المخرج المسرحي ترجمة حازم كمال الدين المقيم في بلجيكا – انتفيرب بعنوان ( يان فابر ثلاث منلوجات ) وهو عبارة عن ثلاث مسرحيات كتبت لممثل واحد .
يان فابر « 1958 « هو فنان بلجيكي متعدد التخصصات ، فهو مخرج مسرحي ومخرج أوبرا وكويوغراف ورسام ونحات ومنتج سينمائي . يعد الآن من أهم الفنانين في أوروبا لابتكاراته وتنوعه ومعروف بسعيه لتوسيع آفاق كل نوع فني يشتغل عليه وفقاً لرؤيته الفنية .
في نهاية السبعينيات قدم يان فابر مسرحية « النقود « فلفت أليه الأنظار ، بسرعة إذ جمع نقوداً ورقية من الجمهور وقام بحرقها ، ثم من رمادها قام يرسم . أما في العام 1982 فقد قدم مسرحية « أنه مسرح كما هو متوقع وكما يُنتظر منه « بوضع قنبلة كاذبة في المسرح وأثار الرعب في الجمهور، وقد ترسخ أسلوبه هذا بعد سنتين حين قدم مسرحية « سلطة الغباء المسرحي « بتكليف من بينالي فينيسيا.
يفرق يان فابر بين المونودراما وبين المنلوج ، فالمونودراما هي خطاب موجه من شخصية الى شخص ثانٍ ، بينما المونولوج هو خطاب توجهه شخصية الى الجمهور أو تتحدث عن أفكارها بصوت عالٍ وهي معدة لكي يلعبها ممثل واحد .
المسرحيات الثلاث هن « قيصر الخسارة وملك الانتحال وسادن الجمال « ، قيصر الخسارة تتحدث عن مهرج يجرؤ على قول كلمة « لا « بوجه النظام ويطالب بحياة أفضل ، أما مسرحية ملك الانتحال فهي تتحدث عن فنان دجال يدافع عن التقاليد القديمة ويصفها بأنها أداة للجمال ولكن الواقع أن هذا الفنان الدجال يريد أنتاج نفسه وتصديرها . في المسرحية الثالثة سادن الجمال يريد يان فابر أن يحقق حلمه النهائي من خلال الوصول الى حالة من الشفافية من أجل الوصول الى الجمال . هذه باختصار الأفكار الجوهرية لهذه المسرحيات .
أول شيء قام به يان فابر هو مقاطعته لتقاليد المسرح المعاصر من خلال استخدام مفهوم « العرض في الزمن اللا مسرحي أو الزمن الطبيعي « وعلى ضوء هذا المفهوم كتب نصوصه المسرحية التي تشبه المنمنمات بأسلوب حر خال من أي انغلاق وهي تعكس مفهومه عن المسرح المعاصر الذي يعتقد أنه وعاء يحتوي الفنون جميعاً . الشكل البصري لنصوص يان فابر المسرحية مكتوبة بطريقة الأسطر القصيرة وتشبه كثيراً قصيدة النثر المعاصرة من ناحية التكثيف والاختصار واللغة الحادة المقتصدة .
المسرحيات الأولى التي قدمها يان فابر في نهاية السبعينيات لم يفهمها الجمهور الذي أعتاد على المسرحيات التقليدية ، لذلك بدأ باخراج مسرحياته بنفسه بعد سنوات عديدة بناء على البروفات والأرتجالات مع الممثل خلال التمارين المسرحية . حتى مسرحياته التي تتألف من شخصيات عديدة يبدو فيها المونولوج وأضحا ، وهذا ما جعله يسمي مسرحياته الثلاث هذه منلوجات وليس مونودراما .
لا يجد القارئ أو المشاهد في مسرحيات يان فابر حوارات واقعية أو قصصاً مستمدة من الحياة لأنه يقدم الفلسفي والمفاهيمي على الواقعي واليومي بطابع شعري أو طقسي مستمد من الطقوس القديمة .