علي حسين
صباحات بغداد قاسية ومؤلمة هذه الأيام، وشوارعها مكسوّة بالخوف من وباء كورونا، ومنذ أيام كلما حاولت تسطير حروف العمود الثامن، أسأل نفسي ماذا أكتب؟ هل أريد أن أقول للقارئ إنني أعرف لماذا لاتوجد مستشفيات متطورة في هذه البلاد في الوقت الذي دخلت خزائنها مئات المليارات ايام السيد نوري المالكي ؟.
أمضى السيد نوري المالكي ثماني سنوات قابضًا على كرسي رئاسة الوزراء وهو يعلن للعالم نظرية جديدة خلاصتها: "إن الديموقراطية لا تعني محاسبة الفاسد والسارق"، أرجو ألا يظن أحد أنني أحاول أن أعود في كل مرة إلى سيرة "باني الديمقراطية العراقية الحديثة" وأن جعبتي خلت من الحكايات إلا حكاية صاحب أحاديث الأربعاء، ولكنني أيها السادة أحاول القول إنه لا شيء يحمي الدول من الخراب، سوى مسؤولين صادقين، في العمل وفي الاعتراف بالخطأ، وإلا ما معنى أن يخبرنا المالكي اليوم بأن سبب مشاكلنا هي عدم الاستماع الى نصائحه .."ممنونين منك ياحاج" !!
يتطلع المواطن العراقي حوله، كل يوم ، فرأى كيف مررت القوانين والمشاريع والتعيينات، وكيف وضعنا "االدباغ" في المكان الخطأ، وأن الدولة سوف تنهار، ليس في الخلاف على الرؤية الوطنية، بل في النزاع على الحصص والامتيازات .
نتمنى على السيد المالكي أن يصارحنا بأسماء الفاسدين والسراق. ويخبرنا، بصراحة، من هم الذين لطشوا أموال الكهرباء، والفائض من الموازنات، وأين ذهبت دولارات الصفقة الروسية، وماذا عن الذين يديرون الآن عشرات المليارات من أموال العراق المسروقة في مشاريع تجارية وصفقات سياسية. وأتمنى صادقًا على السيد المالكي أن يعود إلى أرشيف الصحف العراقية خلال فترة ولايته الأولى والثانية، ليعلم من الذي بصم على هلاك هذه البلاد.
للأسف يعاني السيد المالكي من مشكلة عميقة مع العراقيين، فهم رغم ما يبدون من إخلاص ورغبة في متابعة حوارات "فخامته"، لا يبدو أنهم يستطيعون حلّ ألغاز ما يقوله، لذلك اتمنى عليه ان يقنع العراقيين أنّه غير مسؤول عن ضياع مئات المليارات نهبت خلال ولايتيه "السعيدتين"! .
من يفتح سجل السنوات الثماني التي قضاها المالكي على رأس السلطة التنفيذية؟ من يقول له لماذا تحول العراق إلى دولةٍ أصابها الإفلاس، وتربعت على عرش الدول الأكثر فسادًا وخرابًا؟ من يحاسب مسؤولين في دولة سلكت نهج عصابات السلب والنهب؟ كيف استطاع المالكي أن يتحدث عن النزاهة في دولة دشّن فيها عصره المعوجّ بفضيحة مليارية بطلها زميله في الدعوة الحاج فلاح السوداني؟.
لم يفاجئني حوار المالكي هذه المرة، فالرجل يتخلى عن الموضوعية حين يكون الحديث عن عصره الذهبي، فهو يعتقد أن غالبية الشعب يحبون ذلك الزمن السعيد وإنجازاته العملاقة ويفضلونه على حكومات بلدان "زرق ورق".