علي حسين
مسكين "المرحوم " هيغل، لم يجد كتابه الشهير "ظاهريات الروح" إقبالًا من القراء، حيث وجدوا صعوبة في حل ألغازه، ولهذا يشكو لصديقه شيلينغ متذمرًا: "لم يفهمني إلا واحد، وحتى هذا أساء فهمي"، وظل مؤرخو الفلسفة يبحثون عن هذا الواحد، إلى أن ظهر بعد 189 عاما من استطاع أن يفهم هيغل!! ..
ففي حوار مع عامر الكفيشي، أجراه الزميل سعدون ضمد، يخبرنا فيلسوف حزب الدعوة أن العلمانية ضد الدين وأنها استمدت أفكار الإلحاد من "الكافر" هيغل.. وكنت سأسدل الستار على هذه المقولة "العظيمة" لو لا أن الكفيشي ظل يصر على أن العلمانيين كفرة ومتآمرون.. ولأنني لا اعتقد أن السيد عامر الكفيشي قد اقترب يوما من كتب "هيغل".. لأنه لو قرأ هيغل لعرف أن الفيلسوف الكبير قال: "إن الدين حالة ضرورية للروح في ملازمة العقل ضمن تطورهما الجدلي، وإن وجوده ليس بالصدفة وإنما هو عمل ضروري من أعمال العقل".
ثم تنتاب عامر الكفيشي حالة من الدروشة وهو يصرخ: "الذي يريد أن يبعدني عن الساحة وتكون الكعكة له، هذا اتهمه بأنه متآمر وغير وطني"، إياك عزيزي القارئ أن تظنّ أنّ "جنابي" يهدف إلى السخرية من فيلسوف الامة ، فالديمقراطية العراقية تقضي بأن يبقى المواطن العراقي متفرجًا، فيما جميع الساسة شركاء، يضمن كلّ منهم مصالح الآخر، حاميًا لفساده، مترفّقًا بزميله الذي يتقاسم معه الكعكة العراقية في السرّاء والضرّاء.
صرخات خطيب حزب الدعوة عامر الكفيشي دائمًا ما تفاجئ جمهوره بتقليعة جديدة ، فبعد أن حاول الترويج لبضاعة منتهية الصلاحية شعارها "الدولة المدنية كفر وإلحاد"، ظهر من جديد، وهذه المرة يقول ان :" هناك اشكالية وشبهات حزب الدعوة حكم ثماني سنوات ، وهذا في الواقع غير صحيح ..حزب الدعوة لم يحكم " ، فمن الذي حكم ؟ يجيبنا الكفيشي بكل اريحية انهم افراد يمثلون انفسهم ولا يمثلون الحزب ، ومن هم هؤلاء الافراد ياسيدي الفيلسوف؟ يجيب ايضا : الجعفري والمالكي ؟ ولم يسأل الكفيشي نفسه ان الجعفري والمالكي تولى كل منهم منصب الامين العام لحزب الدعوة .
منذ سنين وساستنا ومسؤولونا، يملأون الفضائيات والصحف بحديث عن مخاطر العلمانية على المجتمع العراقي، وأن أفكار العلمانيين تريد أن تُخرّب الدين، وشاهدنا عامر الكفيشي ومحمود المشهداني وعشرات غيرهم يخوضون معركة نشر الإسلام في بلاد الرافدين التي يريد لها العلمانيون ومعهم إخوة مدنيون تحويلها إلى "مرقص" كبير على حد تعبير المؤمن جدًا "صلاح عبد الرزاق"، الذي اكتشفنا للأسف أنّ تقواه وإيمانه "الشديد"، لم يمنعاه من أن يسرق أموال محافظة بغداد، ويذهب بها إلى بلاد الكفر والبيرة هولندا! .