علي حسين
لم يعرف تاريخ الأدب، كاتبًا شغل الناس والنقاد، مثل غابريل غارسيا ماركيز، لايزال حاضرًا بقوة في ذاكرة الناس رغم مرور ستة أعوام على رحيله، بعد أن ابتدع لنا عالم الواقعية السحريّة. ولكن أليس الواقع الذي نعيش فيه اليوم أغرب من السحر والخيال معا؟
وما هو أغرب من أن يُصرّ ائتلاف دولة القانون على إجراء الانتخابات في الربيع وليس في شهر حزيران حيث أفتى لنا "بروفيسور" ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي بأن "موعد إجراء الانتخابات في حزيران متأخر وفي فصل الصيف الحار"، تخيل جنابك أن العراق صرف أكثر من أربعين مليار دولار على الكهرباء، وساسته يخافون من حر الصيف ، فيما الانجاز الوحيد لوزارة الكهرباء انها اليوم ترفع يديها "لله يامحسنين قليلًا من الكهرباء " .. في رسالة مؤثرة بعثها قارئ شاب كتب فيها أنه دفع مبلغ خمسة آلاف دولار، عدًا ونقدًا، من أجل التعيين على العقد في وزارة الكهرباء، ومضت أشهر ولم يستلم هذا الشاب راتبًا، مثله مثل المئات، وإذا عرفنا أن الوزارة في زمن عادل عبد المهدي عينت ثلاثين ألف متعاقد، فساترك لكم تقدير حجم المبلغ الذي سرقه "حيتان" الوزارة.
ولأن البعض يريد لنا أن نجري الانتخابات ونحن نستمع إلى أغنية المرحومة سعاد حسني " الدنيا ربيع والجو بديع، قفلي على كل المواضيع".
عندما كتب ماركيز النسخة الأولى من روايته الشهيرة "مئة عام من العزلة"، كانت بأكثر من 800 صفحة، رفضها الناشر وهو يوبّخه: من يقرأ كلّ هذا الكوم من الورق؟ .
ظلّ نموذج السياسي المتسامح يشغل ماركيز طوال حياته، وهو يقول لكاتب سيرته " لقد تعلّمت أنّ الإنسان عليه أن يساعد الآخرين على الوقوف مرفوعي الرأس إلى جانبه.. الإنسان الذي يصرّ على أن ينظر إليه الآخرون مطأطئي الرؤوس لايستحقّ صفة الإنسانية".
يتشابه البؤس مع الخراب، وتختلف أرقام وأحجام خسائر الوطن والمواطن، فيما الناس تدفع ثمن ما تجمّع عليها من روزخونية ارتدوا زي الساسة، خطفوا كل شيء، المال والقانون، والرفاهية، والأمل. وفي اللحظة التي يخرج فيها العالم كل يوم إلى السعادة والعدالة الاجتماعية والمستقبل... يصر "ساستنا" على بناء سواتر تمنع الخير عن الناس.
نسمع كل يوم حكايات من الشعوب التي لايحكمها ساسة "نصابون"، ولكننا نمر عليها على عجل. ولهذا لا نتوقف عند خبر مثير يقول إن نوابًا كثيرون لا يعرفون بعضهم البعض، ومنهم من فاز بعضوية المجلس وتوارى عن الأنظار، كما في الدورات السابقة، وإن هناك نائبًا يسكن في دبي، جاء مرة واحدة إلى البرلمان من أجل تأدية اليمين الدستورية واختفى بعدها .
ايها السادة العراق يحتاج منكم جميعًا الاعتراف بالفشل والاعتذار .