اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ترجمة > فريد زكريا يقدم عشرة دروس لعالم ما بعد الجائحة

فريد زكريا يقدم عشرة دروس لعالم ما بعد الجائحة

نشر في: 31 أكتوبر, 2020: 07:44 م

 الدول في الواقع "تكتسب القوة من خلال الفوضى والأزمات"

 أميركا يجب أن تتعلم أن تكون لها "حكومة ليست كبيرة أو صغيرة بل جيدة "

ترجمة أحمد الزبيدي

صدر في السادس من هذا الشهر كتاب جديد للصحفي الأميركي الشهير فريد زكريا بعنوان (عشرة دروس لعالم ما بعد الجائحة) عن دار نشر W. W. Norton & Company. يعرض فيه تصوراته عن العالم بعد القضاء على جائحة الكورونا أو في أحسن الأحوال اكتشاف لقاح مضاد لها

يبتعد فريد زكريا في كتابه هذا عن المعارك والجدالات الدائرة يومياً حول فوائد ارتداء الكمامات ونجاعة عمليات الإغلاق. كما أنه لا يستخدمه للترويج لأعماله التجارية .بل إن كتاب "عشرة دروس لعالم ما بعد الجائحة" يوظف مجموعة واسعة من القضايا ،تشمل الحوكمة والاقتصاد والثقافة. أو ما أطلق عليه اسم "التاريخ التطبيقي". متسائلاً ما هي الرؤى التي قدمتها خلال الكارثة التي سببها مرض الإنفلونزا الإسبانية الذي ظهر بعد الحرب العالمية الأولى ، و أودت بحياة 50 مليون شخص - ويقدرهم البعض بنحو 100 مليون شخص ؟

تترافق هذه الرؤية مع لفت الانتباه الى المقارنات التاريخية.حيث يولي المؤلف أهمية الى "الآثار المدمرة" لمثل هذه الكوارث. فأثينا القديمة ، التي كانت نموذجاً يحتذى به للحكم الديمقراطي ، لم تتعافَ من مرض الطاعون. و قضى هذا المرض الذي أطلق عليه الموت الأسود عند ظهوره في أواخر العصور الوسطى على معظم سكان أوروبا ، حيث بلغ عدد القتلى ما بين 75 مليون الى 200 مليون. ومع ذلك ، لاحظ المؤلف أنه كان من المتوقع أن يستمر وباء الأنفلونزا الإسبانية لمدة 100 عام. لكنه تلاشى بعد عامين.كما أشار الى أنه رغم ارتفاع معدل الوفيات في الولايات المتحدة ، إلا أن الاقتصاد لم ينخفض إلا بنسبة 3.5 في المائة فقط. كما لفت الانتباه الى أن الأمر تطلب من العلماء الانتظار حتى ثلاثينيات القرن الماضي قبل أن يتمكنوا بالفعل من رؤية الفيروس المسبب لوباء الأنفلونزا الإسبانية تحت المجهر الإلكتروني. في حين تمكن العلماء اليوم ، من التعرّف على الفايروس المسبب لجائحة كورونا في غضون ساعات معدودة.

وكانت ردود الفعل في الماضي على الوباء غامضة وملتبسة. لم تقتصر على شُح المعلومات لدى العلماء فحسب . بل إن الأمر كان مشابها بالنسبة للحكومات ، التي اتجهت إلى اتباع سياسات الانكماش الاقتصادي بعد الأزمة المالية في عام 1929 ، لكنها الآن تنفق التريليونات.

بعد أن وضع المؤلف "مجموعة قاتمة من التهديدات" ، لم يخف سروره "بصمود عالمنا في وجه الجائحة".حيث أشار الى أن الدول في الواقع "تكتسب القوة من خلال الفوضى والأزمات". كما أنه ينتقد الرأي السطحي السائد من أن الطغاة مثل شي جين بينغ في الصين يقومون بعمل أفضل من القادة الديمقراطيين. ويعلم الجميع أن انتشار الفايروس التاجي بهذا الشكل السريع حول العالم يعود إلى اخفاء الصين للمعلومات عنه والتي كان يمكن أن تنقذ أرواح عشرات الآلاف ؛ ولذلك سيطرت عليه تلك الدولة المستبدة. وعلى نفس المنوال تعاملت دول مثل إيران وتركيا مع الوباء بشكل سيئ ، وكذلك فعلت البرازيل ، التي يحكمها زعيم مستبد.

لم تستسلم الحكومات الديمقراطية أمام السياسات الشمولية ، لكن لا يوجد أي نمط واضح لتعاملها مع الوباء. فحتى وقت قريب على الأقل ، كان أداء ألمانيا والدنمارك والنمسا أفضل أداء فيما كان أداء بلجيكا والسويد والمملكة المتحدة هو الأسوأ. احتوت تايوان وكوريا الجنوبية الفايروس بسرعة دون اللجوء الى الأساليب الشمولية.لكن الولايات المتحدة في حالة سيئة للغاية ، فهي أسفل قائمة المراكز العشرة الأولى في الوفيات لكل مليون في العالم . إذن ما هي الدروس التي يمكن استخلاصها من كل ذلك؟

يقول مؤلف الكتاب فريد زكريا إن ما يهم ليس الصبغة الأيديولوجية للحكومة أو حجمها ، ولكن نوعيتها. وهو يجادل بأن من المهم أن تكون هناك "دولة كفوءة تعمل بشكل جيد وموثوق بها".وهو يعتبر السويد مثالاً على تحقيق كل ذلك ، لكنها أيضاً تحتل مكانة متقدمة في جدول أعداد الوفيات في دول العالم. لقد أثبتت الولايات المتحدة أنها ليست كفوءة ولا متماسكة. فهي مثل جزيرة مترامية الأطراف يضم حوالي 2600 سلطة فيدرالية وسلطات حكومية ومحلية مكلفة بالسياسة الصحية.

ومع ذلك ، فإن ألمانيا الاتحادية ، بتاريخها القديم من اللامركزية ، وهي أيضاً مزيج من عدد من الولايات ما زالت تتألق في تعاملها مع الجائحة. إن النموذج الأوروبي للدولة القوية هو فرنسا. وهي من حيث عدد الوفيات لكل مليون ، تحتل مرتبة أعلى بكثير من سويسرا الكونفدرالية ، مع كانتوناتها الـ 26 التي تحيط بعاصمتها برن.

إذن ، ما هي الحكومة المناسبة ؟ بيروقراطية فعالة مثل بروسيا ، أم حكومة مفعمة بروح الحرية المتجذرة في العقيدة الأميركية؟ يبدو أن الولايات المتحدة لا تتمتع بأي منهما. فقد كان تعامل بعض المؤسسات رائعاً ، في حين كان أداء مؤسسات أخرى كارثياً. في غضون ذلك ، نمت السلطات والقرارات المركزية بشكل كبير في بلد يفترض أنه "لا يتبنى المركزية". يقول فؤاد زكريا إن أمريكا يجب أن تتعلم أن تكون لها "حكومة ليست كبيرة أو صغيرة بل جيدة." ومع اتفاقنا مع هذا الرأي - إلا أنه يجب عدم نسيان النكتة التي قالها ونستون تشرشل ذات مرة من أن الولايات المتحدة ستفعل الشيء الصحيح في النهاية بعد استنفاد جميع البدائل.

يحدد المؤلف معالم الطريق الواجب اتباعه للتعامل مع الوباء كع عدم الإخلال بأسس الديمقراطية في أمريكا.و يشير الى قائمة طويلة من المهام. فنمو الاقتصاد منخفض ، وتتزايد مظاهر عدم المساواة بين الأفراد. ومع أن جامعات الولايات المتحدة تتتصدر جامعات العالم ، إلا أن الحصول على شهادة البكالوريوس. في واحدة من تلك الجامعات يتكلف أكثر من ربع مليون دولار. تفتخر الدولة بأنها تمتلك أفضل المؤسسة الصحة ، ، ولكن حصول معظم الناس على الرعاية الصحية أمر بعيد المنال.

ينصح المؤلف بأن على أميركا أن نتبنى الإجراءات الناجحة التي اتخذتها بلدان شمالي أوروبا مثل السويد و الدنمارك اللتان حققتا نجاحات باهرة حتى عند مقارنتهما ببقية دول أوروبا. من خلال تحقيق توازن رائع بين الكفاءة واقتصاد السوق والمساواة ، جسد هؤلاء الدنماركيون العظماء نموذجاً ملهماً ؛ لكن للأسف ، من الصعب نقله الى الولايات المتحدة . فالدنمارك هي عكس الولايات المتحدة. فهي دولة صغيرة ومتجانسة غير منشغلة بمشاكل السياسة العالمية ، الدنمارك هي عكس الولايات المتحدة. ربما يجب أن يحتل شعبها أمريكا لبضعة أجيال لغرض إصلاح 330 مليون مواطن غاية في التنوع والاختلاف.

يلاحظ فريد زكريا بحق أن مشاكل العالم ليست فقط من صنع الولايات المتحدة الأميركية. إنها متجذرة في الحداثة الفائقة: العولمة ، والأتمتة ، والاغتراب ، والهجرة الجماعية ، وإغراء العواصم الكبرى في العالم وتدهورها . هذه هي مصادر البؤس – وموضع انتقاد المفكرين منذ فجر العصر الصناعي.

من خلال لغته المفعمة بالحيوية والأمثلة الدقيقة التي يقدمها، يروي زكريا القصة جيداً ، بينما يقاوم النموذج النمطي الذي يقدمه اليسار واليمين. فأنه لا يجنب التيار الليبرالي الذي ينتمي إليه سهام نقده ، لتبنيه "نظام يقوم على تمييز" من حصلوا على أفضل تعليم والأفضل حالًا من الناحية المادية ، والذي يؤدي الى تعميق الانقسام بين المدينة والريف والنخب و "المحرومين". وربما تحدث بشكل مبالغ به عن إساءة استخدام الهيمنة الثقافية و التي دفعت الناس العاديين إلى الارتماء بأحضان دونالد ترامب وأدت إلى حدوث انشقاقات في اليسار الديمقراطي في أوروبا.

تأتي الرسالة المركزية للكتاب في الفقرة الأخيرة: "هذا الوباء القبيح ... فتح الطريق إلى عالم جديد."ولكن ما نوع هذا العالم ؟. يجادل فريد زكريا بأن "العديد من المجتمعات الغنية" لا تحترم "العقد الاجتماعي الذي يفيد الجميع". لذا ، فإن النيوليبرالية التي سادت العقود الماضية يجب أن تخضع لـ "إصلاحات جذرية". على الحكومات أن تقبل بدور أكثر نشاطا في الاقتصاد. يجب أن ينظروا إلى الخدمات العامة على أنها استثمارات. ... يحب أن تكون قضية إعادة توزيع الثروات من جديد على جدول الأعمال ؛إضافة الى الامتيازات التي يتمتع بها الأثرياء ".ويشير الى أن الوقت قد حان الآن لتطبيق "ضرائب الدخل على الثروات الأساسية".

عن صحيفة نيويورك تايمز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

ماهي خارطة طريق المعارضة التركية للخلاص من إرث أردوغان؟
ترجمة

ماهي خارطة طريق المعارضة التركية للخلاص من إرث أردوغان؟

 ترجمة / المدى يريد تحالف المعارضة التركي متعدد الاتجاهات، الخلاص من إرث الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يمتد لأكثر من عقدين من الحكم المركزي للغاية والمحافظ دينيا.إنهاء دولة الرجل الواحد ينظر إلى صورة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram