علي حسين
كنت أنوي الكتابة عن معرض العراق الدولي للكتاب، فأنا أنتمي إلى قوم لا يمكنهم تخيل عالم لم تظهر فيه الكتب، لكنني بالأمس وأنا أتصفح مواقع الصحف ووكالات الأنباء شعرت بأنّ كاتباً مثل حالي لا يمكن له أن يترك حديثاً مهماً للسيد حميد الحسيني رئيس اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، ويذهب ليحدّث القرّاء عن أفلاطون، وشكسبير والمرحوم تولستوي، ولهذا وجدت نفسي أسأل:
هل يدري السيد الحسيني وهو يتفاخر بأنه وراء إطلاق لقب جوكر على المتظاهرين، أن أكثر من 700 متظاهر قتلوا برصاص الدولة تحت شعار "هؤلاء جوكرية"؟، وهل تظاهرات تشرين التي يصفها السيد الحسيني بأنها ممولة من إسرائيل وأمريكا تختلف عن تظاهرات السليمانية التي يصفها بأنها "ثورة الأبطال"؟، وهل متظاهر بغداد والناصرية خائن وعميل ومتظاهر السليمانية نموذج للوطنية؟.. ربما تزعج هذه الأسئلة البعض ولهذا سأتركها وأحدثكم عن كتاب أهداه إلي قبل سنوات الأستاذ طارق عبد الحميد الكنين بعنوان "العراقيون على طاولة التشريح"، والكتاب أشبه بموسوعة تغوص في أحوال العراقيين وما جرى لهم، وقد ذكرني الكتاب بالموسوعة التي وضعها العلامة الراحل علي الوردي "لمحات اجتماعية في تاريخ العراق" فالمؤلف يربط بين الحكاية الاجتماعية وبين ظواهر سياسية يعج بها المجتمع العراقي ، وهو يعترف بفضل الوردي في تحديد منهجه لقراءة الحوادث التاريخية أو المعاصرة فيأخذنا معه في سياحة طريفة يلتقط فيها الحوادث من هنا وهناك، ليقدم من خلالها عرضاً ممتعاً لكنه يحمل الكثير من الأسى مستعيناً بآراء ومقتطفات لمجموعة من الكتاب الذين رصدوا تحولات المجتمع العراقي. ولأنني مشغول بمتابعة الشأن العراقي العام وماطرأ عليه من تحولات خطيرة فقد استهوتني لعبة الأستاذ الكنين وهو يربط الماضي بالحاضر مقدماً لنا وثائق من التاريخ تسلط الضوء على صفحات، مشرقة أحياناً ومؤلمة أحياناً أخرى، من تاريخ الشعب العراقي. من بين الفصول التي تمنيت أن يقرأها كل مهتم بالشأن العراقي الفصل المعنون "الفساد في العراق الحديث" حيث ينشر لنا المؤلف عدداً من الوثائق والحكايات لعل أطرفها وأبلغها ما جاء في مذكرات المرحوم توفيق السويدي من أن الملك فيصل الأول طلب مبلغاً من المال بقصد المعالجة خارج العراق، لكن الوزارة رفضت ذلك قائلة "إن الملك يتقاضى مخصصات ملكية كافية لجميع أموره الشخصية مما يبرر صرف المبالغ اللازمة للمعالجة الطبية من جيبه الخاص". ومن دفاتر عبد الرزاق الحسني يستشهد بهذا الخبر: إن توفيق السويدي نائب رئيس الوزراء أراد تعيين شقيقه عارف السويدي رئيساً لمحكمة التمييز، فلم يوافق مجلس الوزراء على طلبه بسبب خشية المجلس من الغاية التي قد يجتمع الشقيقان من أجلها.
كان حريًا بالسيد الحسيني ، وهو يدافع عن تظاهرات السليمانية أن يتذكر ان الدماء التي سالت في الحبوبي والتحرير والسليمانية دماء واحدة .
جميع التعليقات 1
KhalidMuften
عندما يتعانق دم الشهداء في الناصرية والسليمانية يحزن القتلة وسراق المال العام .