علي حسين
عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ علي بابا ومعه الحرامية "الأربعون"، وعلاء الدين ومصباحه السحري لم يتنزّهوا في شوارع بغداد، من أين جاءوا إذن؟
وهل يعقل أن هذه البلاد التي انتشر فيها مئات "علي بابا " هذه الأيام، لم تكن هي الراعي الرسمي لهذه الماركة من السرّاق خفيفي اليد والظل. وبما أننا نتحدث عن "علي بابا" فقد حققت الشركة التي أسسها مدرس اللغة الإنكليزية "جاك ما" في شقة صغيرة من مدينة "هانغ جو" الصينية عام 1999 ، وأطلق عليها اسم "علي بابا" ، مبيعات تجاوزت الـ"75" مليار دولار في يوم العزاب الذي صادف قبل أقل من شهر، في الوقت الذي حقق فيه "علي بابا" العراقي أكبر عملية نهب منظم لثروات العراق تجاوزت التريليون دولار عداً ونقداً، وخلال هذه السنوات العجاف كان ساسة البلاد ومسؤولوها يبشروننا صباح كل يوم بأنهار من العسل وبلاد تضاهي اليابان وتتفوق على ألمانيا ، وتسخر من زرق ورق دبي.
للأسف يغيب نموذج رجل السياسة الوطني الذي يعطي الأولويّة لتنمية الاقتصاد وتشغيل الأيدي العاملة، والذي كلما تكبر مسؤولياته ، يكبر معها انتماؤه إلى الوطن، لا يتنازل للسياسة، ولا يضعف أمام المال الحرام، لنستبدله بنظريات النائب حمد الموسوي الاقتصادية ، الذي لايزال يردد إنه لولا مزاد العملة ، لما استطاعت الحكومة أن تدفع الرواتب للموظفين، وإنّ الأموال التي يحصل عليها تجار " الحواسم " من مزاد العملة، هي التي تضبط حركة الاقتصاد العراقي.
على مدى سبعة عشر عاماً عشنا مع حكومات ليس لديها شيء تقدمه للعراقيين، تعلن منع استيراد "الموطا"، ولا تفكر مثلاً في حل مشكلة الطاقة، والعراق ينام على بحيرة من الغاز. العراق المديون للعالم بـ"عشرات المليارات" وشعبه الذي يُطلب منه التقشف ، وانتظار سعر الدولارالجديد، يعيش مئات الآلاف منه تحت خط الفقر، وتغيب فيه مشاريع التمية والعدالة الاجتماعية، لكنه في الوقت نفسه يراد من هذا العراق ان يكون مصدر حل الأزمات المالية في طهران، ومصدر الأمل في انتعاش الليرة التركية، وان يسعى لرفاهية الاقتصاد الأردني.
ياعزيزي المرحوم محسن مهدي كان من المحتمل أن يبقى"علي بابا "رمزاً لتراث من الخديعة وسرقة أحلام الناس ، لو لم يظهر لنا اصحاب مزاد العملة . ياسيدي كنا نأمل أن نجد مصباح علاء الدين في"أدْراج مكاتب"ساسة التغيير، فوجدنا بدلاً منه ثياباً وبدلات لأكثر من أربعين ألف حرامي، لن تستطيع شهرزاد أن تروي حكاياتهم ولا بمليون ليلة وليلة.