اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ماذا حدث للعراقيين؟

العمود الثامن: ماذا حدث للعراقيين؟

نشر في: 11 يناير, 2021: 09:36 م

 علي حسين

بين الحين والآخر أعود لكتب المفكر الاقتصادي جلال أمين، وخصوصا كتابه المهم "ماذا حدث للمصريين؟" والذي يقدم فيه وصفاً لتحولات المجتمع المصري في نصف القرن الأخير، وقد وضع الكتاب صاحبه على سلم الشهرة الحقيقية ،

وليست الشهرة الزائفة التي يبحث عنها الشيخ مهدي الصميدعي هو يحرم علينا لقاح كورونا، الرجل يخبرنا بكل "أريحية" عن "عدم وجود شفاء في أمر محرم كونه نجس"، وهكذا تمكن مفتي الديار العراقية الصميدعي من أن يحقق شهرة، تضاف إلى مآثره التي حققها ذات يوم عندما أفتى بعدم تهنئة المسيحيين العراقيين في أعيادهم، لأنّ هذا "حرام".

وأعود لجلال أمين الذي رحل عن عالمنا قبل عامين، بعد أن ملأ الأجواء الثقافية والأكاديمية بحوارات جادة تبحث في أزمة المواطن المصري، وكان كتابه أشبه بتحذير من أن الدولة الرخوة تسمح لمجموعة من اللصوص أو الانتهازيين بأن يستولوا على مقدرات الناس، ونجد صاحب كتاب "ماذا حدث للمصريين؟" يشير بوضوح إلى دور المثقف الذي ارتضى أن يُقصي نفسه عن أحداث بلاده، ويفضل عدم الانغماس في مشاكل البلاد، فتحول بعض أصحاب الرأي والقانون وبعض من يسمون بالتكنوقراط إلى فئة مستعدة لتقديم ما تطلبه السلطة، من أجل استمرار النظام السياسي.

وأنا أقرأ كتاب جلال أمين تساءلت مع نفسي "ماذا حدث للعراقيين؟"، ولا أريد أن أعمم، فهناك شباب العراق الذين استطاعوا أن يقدموا نموذجاً حياً ووطنياً، ولكن هناك فئات كثيرة لا تزال تمارس لعبة "لا أرى لا أسمع لا أتكلم" ، وترفض أن تصدّق أننا يعيش عصر المهزلة السياسية بامتياز، استمر الخراب 17 عاماً وقتلت الناس على هوياتها، من غير أي ذنب، وشُرّد الملايين، ونهبت المليارات، لكننا ظللنا نخرج كل أربع سنوات لننتخب "جماعتنا" ووصل بنا الأمر إلى حد أن نسكت حين خرج علينا شيخ معمم ليقول بلا حياء: "خلي يبوكون، خلي البلاد تخرب، مادام ساستنا يحافظون على المذهب"، وحين قال محمود المشهداني بالحرف الواحد: "لقد سحقنا التيار المدني وسيظل تابعاً للتيار الديني إلى أمد بعيد"، لم يخرج عليه أحد ويطالبه بأن يعود ثانية إلى عيادة الطبيب النفسي. الذين أحكموا الخراب على العراق وأقاموا دولة الفساد وسدوا كل الأبواب والنوافذ أمام المستقبل، والذين طاردوا المتظاهرين الشباب في الشوارع والساحات، والذين قالوا إن هذا الشعب مجموعة رعاع ومكانهم القبر، والذين هرّبوا المليارات، والذين تصدّروا المشهد السياسي بفضل أصواتنا جميعاً، نحن الذين جعلنا منهم أثرى أثرياء الكرة الأرضية، وجعلوا منا أقواماً كسيحة وفقيرة وعاجزة، تتلفت حولها، تتوجس من جارها، وتخشى مصافحة الآخرين لأنهم لا ينتمون إلى نفس الطائفة .

ماذا حدث للعراقيين ؟ 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عراقي

    مثلما انتم يولى عليكم.

ملحق منارات

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

 علي حسين تنقل لنا الأخبار، بين الحين والآخر، عدداً من البشارات أبرزها وأهمها بالنسبة لهذا الشعب " البطران " هو الاجتماع الأخير الذي عقده الإطار التنسيقي ، وفيه أصدر أمراً " حاسما "...
علي حسين

قناطر: الجامعة العراقية وفخرية الدكتوراه لضياء العزاوي من لندن

طالب عبد العزيز تنهدم البلدان بتخليها عن تقاليد شعوبها، وقد أثبتت التجارب في المجتمعات العريقة المحتفظة بتقاليدها أنَّ ذلك هو الصواب. ولسنا في وارد الحديث عن التقاليد، أيِّ تقاليد إنما ما هو حياتيٌّ، ونبيلٌ،...
طالب عبد العزيز

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

د. اسامة شهاب حمد الجعفري يحتل قانون الاحوال الشخصية في حياة الفرد مركزا حساساً لارتباطه ارتباطاً وثيقاً بتنظيم حياته الاسرية وتعلقه بمعتقدات الفرد ومركزه الاجتماعي. فمن الطبيعي جداً ان تتجاذبه الاراء خاصة وانه اضاف...
د. اسامة شهاب حمد الجعفري

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

د. طلال ناظم الزهيري في عالم محكوم بالصراع والتنافس، تظهر مفاهيم وممارسات جديدة تقود هذا التنافس وتتحكم في إيقاعه لصالح طرف أو آخر. واليوم، ومع المد الجارف لمواقع التواصل الاجتماعي ودورها المؤثر في تشكيل...
د. طلال ناظم الزهيري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram